أ: المؤمنون: وهم الذين قال سبحانه في حقهم: (فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم).
ب: الكافرون: وهم الذين قال سبحانه في حقهم: (وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا). والظاهر أن قولهم (أراد الله) كان على سبيل الاستهزاء بادعاء الرسول أن المثل وحي منزل من الله، وإلا فإن الكافرين والمنافقين كانوا ينكرون الوحي أصلا.
ولا غرو في أن يكون شئ سبب الهداية لطائفة وسبب الضلال لطائفة أخرى، وما هذا إلا لأجل اختلاف القابليات، فمن استعد لقبول الحق والحقيقة فتصبح الآيات الإلهية سبب الهداية، وأما الطائفة الأخرى المعاندون الذين صموا مسامعهم عن سماع كلمة الحق وآياته فينكرون الآيات ويكفرون بذلك.
ثم إن الظاهر أن قوله سبحانه: (يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين) من كلامه سبحانه، ولا صلة له بكلام المنكرين، بل تم كلامه بقوله: (بها مثلا) وهو أن الأمثال تؤثر في قوم دون قوم.
ثم إنه يعلل إضلال غير المؤمنين بفسقهم ويقول: (وما يضل به إلا الفاسقين)، والفسق: عبارة عن خروج النواة من التمر، وفي الاصطلاح: من خرج عن طاعة الله، سواء أكان مسلما متجريا أو كافرا فاسقا.
وقد أطنب المفسرون الكلام في مفاد الجملة الأخيرة أعني: (يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا) فربما يتوهم أن الآية بصدد الإشارة إلى الجبر، فحاولوا تفسير الآية بشكل يتلاءم مع الاختيار، وقد عرفت أن الحق هو أن الآية بصدد بيان أن المواعظ الشافية والكلمات الحكمية لها تأثير معاكس فيؤثر في القلوب المستعدة تأثيرا إيجابيا وفي العقول المنتكسة تأثيرا سلبيا.