الخامس: أقسام التمثيل قد عرفت أن التمثيل عبارة عن إعطاء منزلة شئ لشئ عن طريق التشبيه أو الاستعارة أو المجاز أو غير ذلك، فهو على أقسام:
1. التمثيل الرمزي: وهو ما ينقل عن لسان الطيور والنباتات والأحجار بصورة الرمز والتعمية ويكون كناية عن معاني دقيقة، وهذا النوع من التمثيل يعج به كتاب " كليلة ودمنة " لابن المقفع، وقد استخدم هذا الأسلوب الشاعر العارف العطار النيشابوري في كتابه " منطق الطير ".
ويظهر من الكتاب الأول أنه كان رائجا في العهود الغابرة قبل الإسلام، وقد ذكر المؤرخون أن طبيبا إيرانيا يدعى " برزويه " وقف على كتاب " كليلة ودمنة " في الهند مكتوبا باللغة السنسكريتية ونقلها إلى اللغة البهلوية، وأهداه إلى بلاط أنوشيروان الساساني، وقد كان الكتاب محفوظا بلغته البهلوية إلى أن وقف عليه عبد الله بن المقفع (106 - 143 ه) فنقله إلى اللغة العربية، ثم نقله الكاتب المعروف نصر الله بن محمد بن عبد الحميد في القرن السادس إلى اللغة الفارسية وهو الدارج اليوم في الأوساط العلمية.
نعم نقله الكاتب حسين واعظ الكاشفي إلى الفارسية أيضا في القرن التاسع ومن حسن الحظ توفر كلتا الترجمتين.
وقام الشاعر " رودكي " بنظم، ما ترجمه ابن المقفع، باللغة الفارسية.
ويظهر من غير واحد من معاجم التاريخ أنه تطرق بعض ما في هذا الكتاب من الأمثلة إلى الأوساط العربية في عصر الرسالة أو بعده، وقد نقل أن عليا (عليه السلام) قال: " إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض " وهو من أمثال ذلك الكتاب.