الحياة والموت يتكرر على طول السنة ويشاهده الإنسان بأم عينه، دون أن يعتبر بها، فهذا ما صيغ لأجله التمثيل.
يقول سبحانه: (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض) على وجه يلتف بعضه ببعض، يروق الإنسان منظره، فلم يزل على تلك الحال إلى أن ينتقل إلى حالة لا نجد فيها غضاضة، وهذا ما يعبر عنه القرآن، بقوله: (فأصبح هشيما) أي كثيرا مفتتا تذوره الرياح فتنقله من موضعه إلى موضع، فانقلاب الدنيا كانقلاب هذا النبات (وكان الله على كل شئ مقتدرا).
ثم إنه سبحانه يشبه المال والبنين بالورود والأزهار التي تظهر على النباتات ووجه الشبه هو طروء الزوال بسرعة عليها، فهكذا الأموال والبنون.
وإنما هي زينة للحياة الدنيا، فإذا كان الأصل موقتا زائلا، فما ظنك بزينته، فلم يكتب الخلود لشئ مما يرجع إلى الدنيا، فالاعتماد على الأمر الزائل ليس أمرا صحيحا عقلائيا، قال سبحانه: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا).
نعم، الخلود للأعمال الصالحة بمالها من نتائج باهرة في الحياة الأخروية، قال سبحانه: (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا). (1) ثم إنه سبحانه يؤكد على زوال الدنيا وعدم دوامها من خلال ضرب أمثلة، فقد جاء روح هذا التمثيل في سورة يونس الماضية. (2)