نعم ربما يقال بأن المراد أهل مكة، لأنهم كانوا في أمن وطمأنينة ورفاه، ثم أنعم الله عليهم بنعمة عظيمة وهي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فكفروا به وبالغوا في إيذائه، فلا جرم أن سلط عليهم البلاء.
قال المفسرون: عذبهم الله بالجوع سبع سنين حتى أكلوا الجيف والعظام.
وأما الخوف، فهو أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يبعث إليهم السرايا فيغيرون عليهم.
ويؤيد ذلك الاحتمال ما جاء من وصف أرض مكة في قوله: (أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ). (1) ومع ذلك كله فتطبيق الآية على أهل مكة لا يخلو من بعد.
أما أولا: فلأن الآية استخدمت الأفعال الماضية مما يشير إلى وقوعها في الأزمنة الغابرة.
وثانيا: لم يثبت ابتلاء أهل مكة بالقحط والجوع على النحو الوارد في الآية الكريمة، وإن كان يذكره بعض المفسرين.
وثالثا: إن الآية بصدد تحذير المشركين من أهل مكة من مغبة تماديهم في كفرهم، والسورة مكية إلا آيات قليلة، ونزولها فيها يقتضي أن يكون للمثل واقعية خارجية وراء تلك الظروف، لتكون أحوال تلك الأمم عبرة للمشركين من أهل مكة وما والاها.