الثاني: ويحتمل أن يكون المراد من الطالب هو الذباب الذي يطلب ما طليت به الأصنام، والمطلوب هي الأصنام التي تريد استنقاذ ما سلب منها.
الثالث: المراد من الطالب الآلهة فإنهم يطلبون خلق الذباب فلا يقدرون على استنقاذ ما سلبهم، والمطلوب الذباب حيث يطلب للاستنقاذ منه، والغاية من التمثيل بيان ضعف الآلهة لتنزيلها منزلة أضعف الحيوانات في الشعور والقدرة.
ثم إنه سبحانه يعود ليبين منشأ إعراضهم عن عبادة الله وانكبابهم على عبادة الآلهة، بقوله: (ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز) أي ما نزلوه المنزلة التي يستحقها ولم يعاملوه بما يليق به، فلذلك أعرضوا عن عبادة الخالق وانصرفوا إلى عبادة المخلوق الذي لا ينفع ولا يضر، فلو كان هؤلاء عارفين بالله وأسمائه الحسنى وصفاته العليا، لاعترفوا بأنه لا خالق ولا رب سواه، وعلى ضوء ذلك لا معبود سواه، ولكن لم يقدروا الله بما يليق به، فلذلك شاركوه أضعف المخلوقات وأذلهم، مع أنه سبحانه (هو القوي العزيز) بخلاف الآلهة فإنهم الضعفاء والأذلاء.