أعناب ونخل مطيفا بهما وبين الجنتين زرع وافر، وقد تعلقت مشيئته بأن تأتي الجنتان أكلها ولم تنقص شيئا وقد تخللها نهر غزير الماء وراح صاحب الجنتين المثمرتين يفتخر على صاحبه بكثرة المال والخدمة.
وكان كلما يدخل جنته يقول: ما أظن أن تفنى هذه الجنة وهذه الثمار - أي تبقى أبدا - وأخذ يكذب بالساعة، ويقول: ما أحسب القيامة آتية، ولو افترض صحة ما يقوله الموحدون من وجود القيامة، فلئن بعثت يومذاك، لآتاني ربي خيرا من هذه الجنة، بشهادة أعطائي الجنة في هذه الدنيا دونكم، وهذا دليل على كرامتي عليه.
هذا ما كان يتفوه به وهو يمشي في جنته مختالا، وعند ذاك يواجهه أخوه بالحكمة والموعظة الحسنة.
ويقول: كيف كفرت بالله سبحانه مع أنك كنت ترابا فصرت نطفة، ثم رجلا سويا، فمن نقلك من حال إلى حال وجعلك سويا معتدل الخلقة؟
وبما أنه ليس في عبارته إنكار للصانع صراحة، بل إنكار للمعاد، فكأنه يلازم إنكار الرب.
فإن افتخرت أنت بالمال، فأنا أفتخر بأني عبد من عباد الله لا أشرك به أحدا.
ثم ذكره بسوء العاقبة، وأنك لماذا لم تقل حين دخولك البستان ما شاء الله، فإن الجنتين نعمة من نعم الله سبحانه، فلو بذلت جهدا في عمارتها فإنما هو بقدرة الله تبارك وتعالى.
ثم أشار إلى نفسه، وقال: أنا وإن كنت أقل منك مالا وولدا، ولكن أرجو أن