استدلالهم بأن كيفية خلق المسيح يضاهي كيفية خلق آدم. حيث إن آدم خلق من تراب بلا أب وأم، فإذا كان هذا أمرا ممكنا، فمثله المسيح حيث ولد من أم بلا أب فهو أهون بالإمكان.
وبعبارة أخرى: إن المسيح مثل آدم في أحد الطرفين، ويكفي في المماثلة المشاركة في بعض الأوصاف، ففي الحقيقة هو من قبيل تشبيه الغريب بالأغرب ليكون أقطع للخصم وأحسم لمادة الشبهة.
إن من الأسئلة المثارة حول قوله سبحانه: (ثم قال له كن فيكون) هو أن الأنسب أن يقول: " ثم قال له كن فكان " فلماذا قال: (فيكون) لأن أمره سبحانه بالتحقق أمر يلازم تحقق الشئ دفعة؟.
والجواب أنه وضع المضارع مكان الماضي وهو أمر جائز، والنكتة فيه هي تصوير الحالة الماضية فإن تكون آدم كان أمرا تدريجيا لا أمرا دفعيا.
وبعبارة أخرى: إن قوله: (كن) وإن كان دالا على انتفاء التدريج ولكنه بالنسبة إليه سبحانه، وأما بالنسبة إلى المخلوق فهو على قسمين: قسم يكون فاقدا له كالنفوس والعقول الكلية، وقسم يكون أمرا تدريجيا حاصلا بالنسبة إلى أسبابها التدريجية، فإذا لوحظ الشئ بالقياس إليه تعالى فلا تدريج هناك ولا مهلة - لانتفاء الزمان والحركة في المقام الربوبي، ولذا قال سبحانه: ﴿وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر﴾ (1) وأما إذا لوحظ بالقياس إلى وجود الممكن وأسبابه فالتدريج أمر متحقق، وبالجملة فقوله (فيكون) ناظر إلى الحالة الماضية. (2) وهناك وجه آخر ذكره المحقق البلاغي عند تفسير قوله سبحانه: (بديع