السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون).
إن قوله: (فيكون) تفريع على قوله (يقول) وليس جزاء لقوله تعالى (كن)، لأن الكون بعد الفاء، هو نفس الكون المأمور به لا جزاءه المترتب عليه، وتوهم أنه جزاء لذات الطلب أو ملكوت مع الطلب مدفوع، بأنه لو صح لوجب أن ينصب مع أنه مرفوع. (1) وعلى كل تقدير فالقرآن الكريم يستدل على إبطال إلوهية المسيح بوجوه مختلفة، منها هو تشبيه ولادة المسيح بآدم. والتمثيل المذكور يتكفل بيان هذا الأمر أيضا، وفي الحقيقة الآية منحلة إلى حجتين تفي كل واحدة منهما بنفي الألوهية عن المسيح.
إحداهما: إن عيسى مخلوق لله - على ما يعلمه الله لا يضل في علمه - خلقة بشر وإن فقد الأب ومن كان كذلك كان عبدا لا ربا.
وثانيهما: إن خلقته لا تزيد على خلقة آدم، فلو اقتضى سنخ خلقه أن يقال بألوهيته بوجه لاقتضى خلق آدم ذلك مع أنهم لا يقولون بها فيه فوجب أن لا يقولوا بها في عيسى (عليه السلام) أيضا لمكان المماثلة.
ويظهر من الآية أن خلقة عيسى كخلقة آدم خلقة طبيعية كونية وإن كانت خارقة للسنة الجارية في النسل وهي حاجة الولد في تكونه إلى والد. (2)