كثيرون للأخذ به من البلاد التي يكثر فيها شيعة آل محمد، وهي العراق وإيران ومصر. ولا نسمع خلال السنوات السبع أو الثمان الباقية من ملك المعتصم بعد وفاة الإمام محمد التقي عليه السلام والسنوات الخمس الأولى من حكم الواثق أن أحدا تعرض للإمام الشاب. وكان من الأحاديث التي رواها أنه قد كتب في الصحيفة التي عند علي بن أبي طالب (ع) بإملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوارثها الأئمة (ع) صاغرا عن كابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الإيمان ما وقرته القلوب وصدقته الأعمال، والاسلام ما جرى به اللسان وحلت به المناكحة.
إلا أن في خلافة المتوكل قامت حركة ضد المخالفين يصحبها اضطهاد أسلوبي للمعتزلة والشيعة. ولم ينج من ذلك إلا من كان صحيح الاعتقاد. وفي سنة 851 عندما كان عمر الإمام نحو 25 سنة منع المتوكل زيارة قبري الإمامين علي والحسين (ع) ثم أمر أخيرا بهدم قبر الحسين.
وارتاب الخليفة في هذه الفترة أيضا بالإمام محمد التقي الشاب. وأنقذ الإمام نفسه مرة على الأقل حسب قول المسعودي بجواب يدل على الدهاء على سؤال ماكر وجهه إليه الخليفة. قال المتوكل: ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبد المطلب؟ قال:
وما يقول ولد أبي أمير المؤمنين في رجل افترض الله طاعة بنيه على خلقه وافترض طاعته على بنيه؟ فسر الخليفة بالجواب وأمر له بمائة ألف درهم.
وينقل المسعودي حادثه أخرى رواها عن المبرد وقد ذكرها ابن خلكان عند وصفه الإمام علي النقي أبي الحسن العسكري. قال: وقد كان سعى بأبي الحسن (ع) إلى المتوكل وقيل له: إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته، فوجه إليه ليلا من الأتراك وغيرهم من هجم عليه في منزله على غفلة ممن في داره فوجده في بيت وحده مغلق عليه مدرعة من شعر ولا بساط في البيت إلا الرمل والحصى وعلى رأسه ملحفة من الصوف متوجها إلى ربه يترنم بآيات القرآن في الوعد والوعيد.
فأخذ على ما وجد عليه وحمل إلى المتوكل في جوف الليل. فمثل بين يديه والمتوكل