أو يقول: والذي نفسي بيده إنه ليحزنني، فمن هذا يقتل حسينا بعدي؟
أو يأخذ حسينا على حجره وفي يده تربته الحمراء وهو يبكي ويقول: يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟ (1).
وترى الصديقة الطاهرة لما يخبرها أبوها (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنها أسرع لحوقا به من أهل بيته يسرها هذا النبأ وتأنس به (2)، وإن هو إلا لعلمها بأن حياة آل محمد حفت بالمكاره والقوارع والطامات، ولولا الحذر والجزع من تلكم المصائب الهائلة النازلة بساحتهم فأي مسوغ للزهراء فاطمة في استيائها من حياتها؟ وحياتها السعيدة هي أحسن حياة وأحلاها وأسعدها وأجملها وأعظمها فخرا، زوج هو شاكلة أبيها في فضائله وفواضله، وأولاد من البنين مثل الحسنين ريحانتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، سيدي شباب أهل الجنة، لا يمثلان بنظير، ويقصر عن بلوغ نعتهما وصف كل بليغ طلق ذلق، ومن البنات مثل العقيلة زينب، جوهرة القدس والكمال والشرف والمنعة.
فلماذا تستاء عندئذ فاطمة من الحياة وهي بعد في عنفوان شبيبتها الغضة لم تبلغ مناها، ولم تنل آمالها من الحياة؟
ولماذا تدعو وتسأل ربها أن يعجل لها وفاتها، وهي بعد لم تدرك من أولادها ما تتمناه الأمهات، وتهون دون تلكم الأماني عليهن المصائب، وتحلو لديهن مرارة الدنيا. وتفدي دونها كل تليد وطارف؟