ويذكر فيها اسمه أصول المسرة، وبهجة التداعة، وجعلها لأهلها دار الحزن.
وذلك بعدما فاوض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جبريل (عليه السلام) حول أمر ولده القتيل، وعلم باليقين التام أنه أمر لا مرد له من الله كما جاء فيما أخرجه الحافظ أبو الحسين الدارقطني في مسنده (1) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أخبره جبريل أن أمته ستقتل حسين بن علي فقال: يا جبريل أفلا أراجع فيه؟ قال:
لا، لأنه أمر قد كتبه الله.
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحبذ يوم ذاك كتمان هذا النعي من أم ريحانته شفقة وعطفا عليها، ولحديث عهدها بالولادة، والأم عطوف حنون، والمرأة ليس فيها تجلد الرجل تجاه المصائب، والرضيع أليف ثديها، وربيب حجرها، ووردة صدرها طيلة الليل والنهار، فكيف التصبر لها عندئذ لو اطلعت على مقدرات ولدها؟ وبأي تنشط وطيب نفس بعد تحاضنه؟ وبأية أمنية، ورغبة في أمل ترضعه، وتقاسي دون تربيته الشدائد؟ وبأي طمأنينة وسكون خاطر جذلان تداعبه وتلاعبه؟ وبأي أنشودة فرح تطوف حول مهده وترقده؟ وبأي لسان وبيان ومقال تناغيه؟
ولا بد للأم من أن تناغيه.
نعم: تناغيه، وحق لأم الحسين أن تناغيه وأنشودتها:
وا حسينا، وا حسينا، وا حسينا.
أو تقتبس من كلام أبيها الآتي وتناغيه:
كربلا يا كربلاء يا كربلا * كربلا لا زلت كرب وبلا