- 3 - مأتم رأس السنة لعل تجديد الذكرى بالمواليد والوفيات، والجري على مواسم النهضات الدينية أو الشعبية العامة، والحوادث العالمية الاجتماعية، وما يقع من الطوارق المهمة في الطوائف والإحياء بعد سنيها، واتخاذ رأس كل سنة بتلكم المناسبات أعيادا وأفراحا، أو مأتما وأحزانا، وإقامة الحفل السار، أو التأبين، من الشعائر المطردة، والعادات الجارية منذ القدم، دعمتها الطبيعة البشرية، وأيدتها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة عند كل ملة ونحلة قبل الجاهلية وبعدها وهلم جرا حتى اليوم.
هذه مواسم اليهود والنصارى والعرب في أمسها ويومها، وفي الإسلام وقبله، سجلها التاريخ في صفحاته.
وكأن هذه السنة نزعة إنسانية تنبعث من عوامل الحب والعاطفة، وتسقى من منابع الحياة، وتتفرع على أصول التبجيل والتجليل والتقدير والإعجاب لرجال الدين والدنيا، وأفذاذ الملأ وعظماء الأمة، إحياء لذكرهم وتخليدا لاسمهم، وفيها فوائد تاريخية اجتماعية، ودروس أخلاقية ضافية راقية لمستقبل الأجيال، وعظات وعبر، ودستور عملي ناجع للناشئة الجديدة وتجارب واختبارات تولد حنكة الشعب، ولا تخص بجيل دون جيل ولا بفئة دون أخرى.
وإنما الأيام تقتبس نورا وازدهارا وتتوسم بالكرامة والعظمة.
وتكتسب سعدا ونحسا، وتتخذ صبغة مما وقع فيها من الحوادث الهامة، وقوارع الدهر ونوازله، ولا ينبئنا التاريخ قط يوما أجل وأعظم