ولو لم يكن لأهل البيت إلا هذه الخاصة لكفت في حبهم داعيا وباعثا، وهي بوحدتها تربو على جميع ما يحبه الإنسان، وترجح بمفردها عامة ما يترتب على الحياة ويتولد منها، وبها تمت لهم الأولوية بالمؤمنين من أنفسهم، وهي التي جعلتهم أحب إليهم من النفس والمال والأهل والولد والوالد، وهي إحدى وجوه اقتران ولاية علي أمير المؤمنين في الكتاب الكريم بولاية الله وولاية رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكلمة الحصر في قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (1) وقد أصفق أئمة التفسير والفقه والحديث على أنها نزلت في علي (عليه السلام) كما فصلنا القول لديها في كتابنا الغدير (3: 156 - 163).
فذلكة القول: الأخذ بمجاميع تلكم الجهات الداعية إلى حب أهل البيت وولائهم يعطينا خبرا بأن حبنا لهم يقصر عن مدى تلكم الدواعي، ويشذ ويبعد عن حدود تلك الجهات المختصة بهم بمراحل ومراحل إلى ألف مرحلة، نظرا إلى قصور مبلغنا من العلم بجوهريتها وحاقها، وقلة الاستطلاع عليها والإحاطة بها، والبون الشاسع بيننا وبين النيل إلى معرفة كنهها ومنتهاها.
وأنى ثم أنى لنا أن نقف نحن على حقيقة ما هم عليه من الصفات وهم هم، ونحن نحن، فهل يسع للجاهل الأمي مثلا أن يعرف العلم وحقيقته ومبدأه ومبلغه ومنتهاه، وأصوله وفروعه، وأصنافه وطرقه ومناهجه وأبحاثه ودروسه ومواضعه وفنونه وأقسامه ومعالمه، وتكوينه وتشريعه، وكمه وكيفه، وعرضه وطوله، وعده وحده، وتعلقه بما كان وبما يكون وبما هو كائن أو بالإضافة إلى هذا العالم السفلي