وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستحفيه عن صبره وجلدة ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم): كيف صبرك إذا خضبت هذه من هذه؟ وأهوى بيده إلى لحيته ورأسه، فقال علي: أما بليت ما بليت فليس ذلك من مواطن الصبر، وإنما هو من مواطن البشرى والكرامة (1) فيتسلى (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك الكلام الطيب المعرب عن عظمة نفسيات علي (عليه السلام) ومبلغ تفانيه في الله تعالى.
وتراه يضم (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا محمد الحسن السبط إلى صدره ويقبله من فمه وسرته لما يتذكر بأن أحشاءه من فمه إلى سرته ستقطع بالسم النقيع.
ويضم الحسين السبط إليه ويشمه ويقبله ويقبل منه مواضع السيوف والرماح والطعون ويخص من جوارحه بالقبلة شفتيه، علما منه بأنهما ستضربان بالقضيب.
يقيم (صلى الله عليه وآله وسلم) على حسينه وريحانته مأتما حينا بعد حين في بيوت أمهات المؤمنين، ومهما اشتد عليه حزنه يأخذ حسينه على حضنه ويأتي به إلى المسجد إلى مجتمع الصحابة وهو يبكي، وعيونه تدمع، ودموعه تسيل، فيريهم الحسين الرضيع وتربة كربلائه في يده ويقول لهم إن أمتي يقتلون هذا، وهذه تربة كربلاء.
أو يأخذ تربته: تربة كربلاء ويشمها ويبكي وفي لسانه ذكر مقتله ومصرعه، وهو يقول: ريح كرب وبلاء.
أو يقول: ويح كرب وبلا، أو يقول: كربلاء، أرض كرب وبلاء.