البشرية بأسرها من أول يومها وهلم جرا إلى آخر الأبد، من دون شذوذ لأي أحد وخروج فرد عن سلطتها، ومن دون اختصاص بيوم دون يوم، إنما هي حكومة (ياء النسبة) بها قوام الدين والدنيا، وإليها تنتهي سلسلة النظم الإنسانية، وقانون الاجتماع العام، وشؤون الأفراد البشرية.
والبشر مع تكثر أفراده على بكرة أبيهم مسير بها، مقهور تحت نير سلطتها، مصفد بحبالها، مقيد في شراكها، لا مهرب له منها، هي التي تحكم وتفتق، وتنقض وتبرم، وترفع وتخفض، وتصل وتقطع، وتقرب وتبعد، وتأخذ وتعطي، وتعز وتذل، وتثيب وتعاقب، وتحقر وتعظم.
هي التي تجعل الجندي المجهول مكرما، معظما، محترما، وتراه أهلا لكل إكبار وتجليل وتبجيل، لدى الشعب وحكومته، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته ومقبره، وتدعه يذكر مع الأبد، خالدا ذكره في صفحة التاريخ.
هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل، وبمقاييسها يقاسي الإنسان الشدائد والقوارع والمصائب الهائلة، ويبذل النفس والنفيس دونها.
هي التي جعلت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل الصحابي العظيم عثمان بن مضعون وهو ميت، ودموعه تسيل على خديه كما جاء عن السيدة عائشة (1).
هي التي دعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن يبكي على