حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٥٥
مختلفين بأنه فاتحة لصراع ترتفع حماسته في جبهتيه جميعا، وما أدري - والله - ما يمنع هؤلاء السفهاء من تصديق النبي والإيمان به، والله ما خلق الله أبر بهم ولا أعطف عليهم ولا أنفع لهم من محمد صلى الله عليه وآله. والله ما خلق الله أدل على الحق، ولا أهدي إليه، ولا أنهض به من محمد صلى الله عليه وآله فلو رجعوا إلى عقولهم، ودخلوا فيما دخلنا لأراحوا إذن واستراحوا، وضمنوا لهذا البلد المقدس ما شاؤوا من الدعة والاستقرار.
قال عمار - وهو ينهض آخذا بيد زيد متوجهين إلى البيت -:
أصلحك الله يا أبا أسامة أتشك بذكاء هؤلاء المشركين من وجوه قريش، وسلامة أفهامهم؟ أما والله لا أراهم أقل منا إدراكا، ولا أبعد منا عن فهم، فهم يعرفون عن أبي القاسم صلى الله عليه وآله ما نعرف، ويعلمون أنه لا ينطق عن الهوى، وأنه إنما جاء بالحق من ربه، ثم يعلمون أن من حقه ما يمحو التفاوت بين أبيض وأسود، ويهدم الحواجز بين غني وفقير، ويلغي الحدود بين أجير وأمير. الناس عنده سواسية كأسنان المشط كلهم من آدم وآدم من تراب، لا ميزة لأحد على أحد إلا بالتقوى، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالعمل والكفاءة، أنا وأبو جهل مثلان، وأنت وحمزة نظيران، وبلال وابن خلف ندان، كلنا إخوان لا سيد ولا مسود إلا الحق فإنه سيد الجميع، يرفع ويضع بموازين وأقيسة منه لا من المال، ولا من الإرث، ولا من هذه التقاليد البالية، هم يعلمون هذا
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست