حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٤٥
أنفسكم في تكذيبه اليوم بأربعين حولا قبل اليوم سجلتم على أنفسكم خلالها ملايين الشهادات بصدقه وأمانته، تقولون:
ساحر. لا والله ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم. وتقولون: كاهن. لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهنة وتخالجهم، وسمعنا سجعهم. وتقولون: شاعر لا والله ما هو بشاعر، قد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها: هزجه ورجزه: وتقولون: مجنون: لا والله ما هو مجنون. قد رأينا الجنون فما هو بخنقه، ولا وسوته، ولا تخليطه. يا معشر قريش إنه نزل بكم خطب عظيم ما أتيتم له بحيلة، ولا اتخذتم لدفعه أهبة فتدبروا الأمر على سراج أبي خالد الوليد، أو أطيعوا أمر أبي الوليد عتبة مشكورين.
وخرج أبو جهل من صمته فقال: ما دمتم تتبارون بمعرفة محمد على وجه الحق، فليس أحد منكم أولى مني بالإنصاف. ألا فاشهدوا أن نبأ محمد هزني هزا شديدا عنيفا، ومناني بزلزال أي زلزال، ورأيتني ذات ليلة أرقا يتغولني السمر، ويقلوني الفراش، ثم رأيتني مسوقا بدافع خفي يركبني فلا يدع لي فضل إرادة. ولا حرية خيار، فإذا أنا ماض لأمره الحازم الصارم، أسعى على رؤوس الأصابع، متسللا تحت الظلام إلى ركن أرى منه مصلى محمد وأسمع فيه صوته، ويا ويحي من سحر يبدل وظائف الحس في جوارحي!
لقد عهدت الفم بابا للنشوة، يسكبها الخمر منه، ويصبها فيه، ثم يشيعها الفم دبيبا في الأوصال، وانتعاشا في الروح، فما
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست