حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٥٧
إلها؟. وأدب عبدا آخر مرة، فذكر له العبد (إسافا ونائلة) (1) فقال له: صه يا ابن اللخناء! هل كانا الإزانيين من جرهم، مسخا حجرين، ويلك أتريد أن تدس عقلك في رأسي؟
وتأخذني بقدس ما أصنع ويصنعه أمثالي؟ ألا فلتعلم أن هذه الآلهة إنما هي من إمائنا البلهاوات، وضعناها فوقكم لتعلموا مكانهم منا، فأنت لست عبدي فقط بل عبد لأمتي، ونظام هذه الإماء من آلهتك عبد لي كعبوديتك، فإذا تمرد سطته كما أسوطك حتى يستقيم لي، إنما نشترعه لنؤدبكم به، فإذا استقام لكم علينا فقد أبق، وحل لنا أن نمزقه كما نمزق ظهوركم!. انصرف فإذا عدت إلى ذكر شئ من هذا بوجهي لا تعرف كيف تخرج روحك الخبيثة من بدنك.
وأبو جهل - يا أبا أسامة - سر هؤلاء الطواغيت، لا يأخذه ولا يأخذهم في هذه الأصنام ذمام، ولا يثيرهم بأبي القاسم صلى الله عليه وآله عداء شخصي، وإنما هي نفوسهم تظهر لهم في هيئة هذه الأصنام، فيحتشدون حولها، ويخيفها من محمد دينه ومساواته فيتألبون عليه ولن ينصفوه إلا إذا خرجوا من نفوسهم المظلمة هذه، ولا يخرجون منها إلا أن يخرجوا وبالله المستعان.
وكانا يدخلان المسجد عند آخر كلمة قالها عمار، فإذا أندية

(1) تزعم الميثولوجيا أن (إسافا ونائلة) كانا رجلا وامرأة من جرهم فجرا بالبيت في عهد عمرو بن لحي فمسخا حجرين.
(٥٧)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، السجود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست