حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٥٤
قال زيد: بلغنا أن أمة لعبد الله بن جدعان، بصرت أبا عمارة اليوم وهو عائد من صيده، وأنها عابت عليه انصرافه إلى الصيد بين جبال مكة، وابن أخيه يهان فيها، وأنه سألها عن خبر النبي فحدثته بصنيع أبي جهل، وإغرائه السفهاء برسول الله، فما كان من أبي عمارة إلا أن جاء الكعبة، وطاف بها طوافه المعتاد، ثم خرج حتى وقف على رأس أبي جهل في حلقة مخزوم، ويقول له: أنت تشتم محمدا وأنا على دينه، ثم يهوي عليه بالقوس لا شلت يمينه.
قال عمار: وكيف كان وقعها في نفس أبي جهل؟ وصداها في رهطه؟ هل استكانوا وصبروا أم استنكروا ونفروا؟.
قال زيد: الذي بلغنا أن نفرا من مخزوم هموا بلقاء الحمزة ولكن أبا جهل فاء إلى عقله، فأقعدهم، ولا يستطيع أبو جهل أكثر من ذلك حين يخاصمه فتى العرب ألا يعلم أبو جهل أن الرد على أبي عمارة بالضرب معناه الحرب المهلكة، والانقسام الضاري، والشقاء الذي لا تخرج منه قريش سعيدة، ما شك أن الإسلام اشتد ساعده بإعلان حمزة إسلامه اشتدادا يحسب له المشركون ألف حساب. فهلم نتحسس أثره، فلا بد أن يكون لأثره دوي في ألسنة الناس وصدورهم، وكأني أرى مكة ماضية فيما نمضي فيه من الاهتمام بهذا الحدث البكر الذي لم تتعوده قريش، فأما المسلمون فيرونه - كما نراه - انتصارا خضد من شوكة الشرك شيئا ما، وأما المشركون فيرونه هزيمة سجلت للمسلمين نصرا ما، ثم لا أظن المسلمين والمشركين
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست