حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٤٢
فكفا منذ اليوم عن لوم من تلومان ما دام ابن المغيرة، وابن ربيعة لهما في محمد وفي بدعته رأي كريم!.
وكان أبو خالد الوليد يتصدر المؤتمر، ذاهبا في متابعة الحوار بابتسام رقيق، عاقدا يديه على صدره، مستندا إلى وسادة خلف ظهره في استرخاء وكسل، فلما بلغ بن خلف من لومه ما بلغ استوى في مجلسه دون أن تفارقه ابتسامته الرقيقة قائلا:
ماذا تنكر يا ابن خلف من مولاك بلال بن رباح؟ أيخرجه إذلالك إياه عن طوره أكثر مما أخرجك صدى ظلامته عن طورك؟ أتظن سعي بلال للتحرر من ربقة ابن خلف والتخلص من أسره، أعظم إثما من تجاوز ابن خلف على محمد، وأوخم من التنكر لعبد المطلب بحفيده وسيد بنيه؟. شد ما تتعامون عن الحق يا إخوان قريش، وتتعصبون لأنفسكم!.
وأقسم لو سستم عبيدكم وإماءكم سياسة إنسان لإنسان، وأعطيتموهم النصفة والرعاية، لما فارقكم منهم مفارق، ولما انتقض عليكم منهم منتقض، ولكنكم سستموهم ونسيتم أمرا واحدا، نسيتم أنهم بشر مثلكم، لهم رؤوس فيها أعين وآذان وآناف وألسنة، وفيها عقول تعرف الكرامة معرفة عقولكم لهذه الكرامة، فليتكم حين ملكتموهم لم تنسوا في سياستكم إياهم هذا الأمر البسيط، إذن لا تجدوهم إلا حيث تحبون. وأما وقد نسيتم هذا فقد نسوا هم حبكم، وقابلوا نسيانكم بنسيان مثله، أظهروا لكم طاعة باطنها العصيان، وأضمروا معصية ظاهرها المداراة، ولم يكن شئ أكثر طبيعية من إسراعهم إلى إنقاذ
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست