الغرضي، بل إننا لا نريد أن نثبت بما سلف أن لديهم كل ما يعلمه الجليل سبحانه، ولا تلازم بين علمهم الحضوري وأنه يعلمون كل ما يعلمه العلام سبحانه، فيجوز حينئذ أن نحمل ما دل على نفي ما يعلمه العلام سبحانه، فيجوز حينئذ أن نحمل ما دل على نفي علمهم وما دل على استئثاره بشئ على اختصاص ذلك بما تخصص به ولم يطلع عليه أحدا من البشر، ويشهد له ما جاء في الأحاديث التي قالت بأن الاسم الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وأن عندهم منه اثنين وسبعين وأن الجليل تعالى استأثر بحرف واحد. فهذا يدل على أنه اختص بشئ لم يطلعهم عليه.
على أنه قد يقال في الجواب إن هذه الآيات وما سواها، مما دل بظاهره على أن الأنبياء كانوا لا يعلمون، ولا سيما مثل قوله تعالى:
(وما أدراك ما ليلة القدر) وقوله جل شأنه: (وما أدراك ما الحاقة) وقوله عز وعلا: (وما أدراك ما يوم الدين) وقوله عز وجل: (ولا تقف ما ليس لك به علم) وقوله سبحانه: (لا تعلمهم نحن نعلمهم) إلى غيرها محمولة على أن المراد بها الأمة من باب إياك أعني واسمعي يا جارة.
بل يمكن الجواب عن كل آية آية. ولكن لا نريد الإطالة في الجواب والإكثار من الكلام. ولو لم يمكن التوفيق بين هاتين الطائفتين من الآيات الكريمة، فلا بد من التصرف في ظاهر هذه الطائفة خاصة، لأن حكم العقل قاض بأن الإمام لا بد وأن يكون علمه حضوريا كما أنه لا يمكن التصرف في صريح هاتيك الآيات.