نعم، لا بد وأن يكون لصاحب هذه الدعوة وتلك السيطرة، من العلم من لدن العلام جل وعلا، ما يحيط بالجليل والحقير والكبير والصغير فيما تأتي به الحوادث في تلك البلاد قربت أو بعدت ليتسنى له أن يتدارك الحيف ويرفع الظلم وينتقم من أهل العدوان عند أول زمن ولولا هذا العلم المحيط وتلك القدرة على التنفيذ لكانت الرسالة ناقصة والإصلاح والعدل غير شاملين فعلم الرسول بالعالم وإحاطته بما يحدث فيه. وقدرته على تعميم الاصلاح للداني والقاص والحاضر والباد. من أسس تلك الرسالة العامة وقاعدة لزومية لتطبيق تلك الشريعة الشاملة.
غير أن الظروف لم تسمح لصاحب هذه الرسالة أن يظهر للأمة تلك القوى القدسية والعلم الرباني الفياض وكيف يعلن بتلك المواهب والإسلام غض جديد. والناس لم تتعرف تعاليم الإسلام الفرعية بعد...؟ فكيف تقبل أن يتظاهر بتلك الموهبة العظمى، وتطمئن إلى الإيمان بذلك العلم؟ على أن سلطته ما اجتازت الجزيرة، وشريعته لم تهيمن على العرب كافة. دون سواهم من الأمم. بل ولم يكن كل قومه الذين انضووا تحت لوائه من ذوي الإيمان الراسخ. وما خضع البعض منهم للسلطة النبوية إلا بعد اللتيا والتي وبعد الترهيب والترغيب. بل وكان البعض منهم يبطن الكفر ويظهر الإسلام رهبة أو رغبة (وممن حولك من الأعراب رجال منافقون. ومن أهل المدينة مردوا على النفاق) إلى غيره هؤلاء ممن لم يعرف منزلة النبوة ولا يقوى