ولا يقللون الغذاء إلا لملأ العساس واختلاس قلوب الدفناس، يكلمون الناس بإملائهم في الحب ويطرحون باذليلائهم (1) في الجب أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنم والتغنية فلا يتبعهم إلا السفهاء ولا يعتقدهم إلا الحمقى (الحمقاء - خ) فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حيا وميتا فكأنما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان ومن أعان أحدا منهم فكأنما أعان يزيد ومعاوية وأبا سفيان.
فقال له رجل من أصحابه وإن كان معترفا بحقوقكم؟ قال فنظر إليه شبه المغضب وقال دع ذا عنك من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا أما تدري أنهم أخس طوايف الصوفية والصوفية كلهم مخالفونا وطريقتهم مغايرة لطريقتنا وإن هم إلا نصارى أو مجوس هذه الأمة أولئك الذين يجهدون في إطفاء نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون (2).
ولا بأس بذكر تفسير هذه الألفاظ اللغوية قال صاحب القاموس وغيره: داخ:
ذل والبلاد قهرها وذللها واستولى كدوخها وديخها، ودوخه: أذله.
أكاف الحمار: ككتاب وغراب ووكافة برذعته والاكاف صانعه واكف الحمار تأكيفا شده عليه.
العساس: ككتاب: الاقداح العظام الواحد عس بالضم.
الدفناس: الأحمق الدني والبخيل، والراعي: الكسلان ينام ويترك الإبل وحدها ترعى.
اذلولا: انطلق في استخفاء وذل وانقاد وفلان انكسر قلبه.
إذا عرفت ذلك فنقول: لو لم يرد عنهم عليهم السلام إلا هذا الحديث الشريف المشتمل على اللفظ البليغ والمعنى اللطيف في التحذير من التصوف وأهله والنص على ضلال كل صوفي وجهله لكان وحده كافيا في بيان الحال وكشف تمويه أهل