كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٥
الوجود لذاته، غني عن غيره فلا يصح عليه جلب نفع ولا دفع ضرر، فلو كانت لكانت راجعة إلى غيره، والذي أثبتناه في وجوب نصب الإمام فيه المصلحة العامة للمكلفين، فلو كانت فيه مفسدة راجعة إليهم لكان عين ما هو مصلحة لهم مفسدة لهم خلف (1) وأيضا فإن المفاسد محصورة معلومة لأنا مكلفون باجتنابها وتلك منفية عن الإمام لا يقال: إنما نعلم المفاسد المشتملة عليها أفعالنا بل أفعال غيرنا التي لا نقدر نحن عليها فلا يجب معرفتها والإمامة عندكم ليست من فعلنا على ما يأتي بل من فعل الله تعالى فلا يجب العلم بالمفسدة التي تشتمل عليها لأنا نقول: لو كانت الإمامة مشتملة على مفسدة لما أوجبها الله تعالى على المكلفين ولما أوجب على الناس طاعة الإمام وأيضا لو اشتملت على مفسدة لنهى الله تعالى عن نصب الإمام، والتالي باطل قطعا، فالمقدم مثله والملازمة ظاهرة.
وعن الثالث: إنه لولا إمامة علي والحسن والحسين عليهم السلام لظهر من الفتن ما هو أشد من ذلك، ولأن الإمام كعلي والحسن والحسين عليهم السلام يدعون الناس إلى ما دعاهم النبي صلى الله عليه وآله ويخاصمهم على ما لو كان النبي صلى الله عليه وآله موجودا لخاصمهم عليه كذلك، فلو كان ذلك مانعا من نصب الإمام لكان مانعا من نصب النبي، ولأن الحث على الواجبات وترك المعاصي لو كانت مفسدة غير جائزة لامتنعت من النبي صلى الله عليه وآله (2).
وعن الرابع: إن ذلك يقتضي قبح الإمامة مطلقا سواء وجبت بالعقل أو من الله تعالى وذلك باطل اتفاقا، ثم نقول: المكلف إما مطيع أو عاص، ووجه اللطف في الأول تقويته على فعل الطاعة، وأما الثاني فلا نسلم إن ترك المعصية منه لا لكونها معصية قبيح، بل القبيح هو ذلك الاعتقاد، وهو كون الترك لا لكونها معصية ووجه اللطف فيه حصول الاستعداد الشديد ليثبت التكرير والتذكير الموجب لفعل الطاعة لكونها طاعة ولترك المعصية لكونها

(1) هذا الحرفان إشارة إلى قولهم - هذا خلف - جرى على ذلك القدماء في مؤلفاتهم.
(2) بل لو كانت الحروب والفتن مانعة من نصب الإمام لبطلت إمامة من ادعوا إمامتهم إذ قل ما يتفق لأحد منهم إن خلت أيامه من حروب وفتن.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست