كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٤٠
تعالى، فيلزم تكليف ما لا يطاق، ولأن الواجبات الشرعية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما يختص بالنبي صلى آله عليه وآله.
الثاني: ما يختص بالأمة.
الثالث: ما يشترك بينهم.
فلو وجبت الإمامة بالشرع لكان إما من القسم الأول وهو على تقدير وجوبه سمعا باطل إجماعا (1) وإما من الثاني وهو باطل أيضا لأن الإمام إنما وجب لإلزام المكلفين بالواجبات وترك المحرمات وبه تحصيل نظام النوع، فهو أهم الواجبات فيستحيل إيجاب ملزم لهذه الواجبات التي لا يعم نفعها ولا تشمل من المصالح على ما يشتمل عليه الإمامة من دون إيجاب ملزم لهذه الواجبات العظيمة واستحالة هذا من الحكيم ضرورية (2) فيلزم التسلسل، ولأن الاتفاق، إما أن يكون شرطا أولا، والأول إما اتفاق الكل أو البعض، فإن كان الأول انتفى الواجب، إذ اتفاق الكل مع الاختلاف الأهواء وتشتت الآراء مما يتعسر بل يتعذر بل يستحيل وإن كان الثاني فأما بعض معين

(1) وذلك لأن القائلين بوجوب الإمامة سمعا لا يرونها من الواجبات على النبي صلى الله عليه وآله.
(2) إيضاح ذلك أن نقول: إن الغرض من الإمامة حفظ الشريعة وحمل الأمة على الهدى وصدهم عن الردى ونظام نوع البشر واجتماعهم تحت لواء واحد إلى غير ذلك، فوجوب الإمامة من أهم الواجبات، بل هي أهم واجب، لأن بها أداء الواجبات ومنع المحرمات، ونرى أن هناك واجبات غير عامة النفع، ولا تشتمل على مصالح كمصالح الإمامة، وكانت مصالحها أوجبت الالزام بها، بل نرى كثيرا من المسنونات من عبادات وغيرها اهتم الشارع لبيانها، فكيف لا تكون مصالح الإمامة العظمى وفوائدها الكبرى لا توجب الالزام بها، فيستحيل على الحكيم سبحانه أن تكون لديه تعالى تلك المصالح الضعيفة باعثة على الالزام بتلك الواجبات ولا تكون المصالح الجلي والمنافع المهمة في الإمامة غير ملزمة بإيجابها عليه جل شأنه فوجوب نصب الإمام من قبله جل شأنه لتلك المصالح يجب أن يكون من البديهيات التي لا يختلجها الشك ولا يعتريها الريب، ويستحيل عليه تعالى إيجاب تلك الواجبات دون الإمامة.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست