المائة الرابعة الأول: القوة الشهوية والوهمية منشأ المفسدة والقوة العقلية هي منشأ المصلحة وهي المانعة لهما والإمام إنما جعل معاضدا للثانية ومتمما لفعلها في كل وقت لغلبة الأوليين في كثير من الناس ولا يتم ذلك إلا مع كونه معصوما إذ غير المعصوم قد تقوي الشهوية والغضبية عليه وتكون العقلية مغلوبة معه فلا يحصل المنع منه.
الثاني: علة الحاجة إلى الإمام في القوة العملية أما غلبة القوة الشهوية بالقوة أو بالفعل والثاني إما دائما أو في الجملة، وهذا مانعة الخلو وهو ظاهر إذ لو كانت القوة الشهوية مغلوبة للعقلية دائما في كل الناس لم يحتج فعل الطاعات والانتهاء عن المعاصي مع العلم بها إلى الإمام لتحقق سبب الأولى الذي من جملته القدرة والداعي وانتفاء الصارف فيجب انتفاء سبب الثانية ويستحيل وجود ذي المبدء بدون مبدئه فيمتنع فثبت صحة المنفصلة، فنقول: الأول يستلزم وجوب عصمة الإمام لأن نقيض الممكنة إنما هو الضرورية ولثبوت ذلك في الإمام غير المعصوم فيحتاج إلى إمام آخر ويتسلسل وبالثاني يلزم الاستغناء عن الإمام في أكثر الوقت لأكثر الناس في أكثر الأصقاع ولا تكون الحاجة إليه إلا نادرا، وهو محال والثالث هو المطلوب إذ غير المعصوم يتحقق فيه هذا فيحتاج إلى إمام آخر وتسلسل فلا بد أن يكون معصوما، وهذا القسم الثالث هو الحق.