كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٠
الترجيح بلا مرجح، وتتساوى أحوال العلماء بالنسبة إلى المقلدين، فلا بد من عالم بالأحكام يقينا لا ظنا بالأمارة، ليرجع إليه من يطلب العلم ويطلب الصواب يقينا.
الوجه الخامس: إن نظام النوع لا يحصل إلا بحفظ النفس والعقل والدين والنسب والمال فشرع للأول (1) القصاص، وأشار إليه بقوله تعالى:
* (ولكم في القصاص حياة) * وللثاني (2) تحريم المسكر والحد عليه، وللثالث (3) قتل المرتد والجهاد، وللرابع (4) تحريم الزنا والحد عليه، وللخامس (5) قطع السارق وضمان المال، وهذه أمور مهمة يجب حكمهما في كل شريعة في كل زمان ولا يتم إلا بمتول لذلك يكون عارفا بكيفية إيجابها، وكمية الواجب ومحله وشرائطه، ولا يقوم غيره مقامه، في ذلك، ولا بد أن يمتاز عن بني نوعه بنص إلهي ومعجز ظاهر لاستحالة الترجيح من غير مرجح، ولجواز اجتماع جميع الآراء على غيره لاختلاف الأهواء ولأنه لولا ذلك لأدى إلى الهرج والمرج.
الوجه السادس: أن قيام البدل مقامه (6) لا يتصور إلا في حال عدمه وقد تقرر حصول العلم الضروري إن التقريب والتبعيد (7) عند عدم نصب الإمام أو تمكينه (8) على عكس ما ينبغي فيستحيل أن يكون له بدل (9).

(1) وهو حفظ النفس.
(2) وهو حفظ العقل.
(3) وهو حفظ الدين.
(4) وهو حفظ النسب.
(5) وهو حفظ المال.
(6) أي مقام الإمام المعصوم.
(7) أي التقريب من الطاعة والتبعيد عن المعصية.
(8) أي عدم تمكينه.
(9) وإيضاحه إننا نعلم بالضرورة بأن تقريب الناس من الطاعة وتبعيدهم عن المعصية بدون إمام منصوب منه تعالى أو مع عدم تمكينه لا يكون على ما ينبغي أن يكون، والوجدان أصدق برهان على ذلك، فإن التقريب والتبعيد على ما يريده سبحانه لم يحصلا في جميع الأوقات التي كان الإمام فيها غير متمكن لأن الناس من بعد الرسول صلى الله عليه وآله حتى اليوم لم يعملوا بالشريعة كما هي إلا أيام أمير المؤمنين عليه السلام، في البلاد التي كانت تحت سلطته، فيستحيل إذن أن يكون للإمام المعصوم بدل يقوم مقامه.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست