كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٦
معصية (1).
وعن الخامس: إنه وارد في كل لطف مع إنا قد بينا وجوبه فيما سلف.
وعن السادس: إنا لا نسلم اتفاق أهل زمان ما من الأزمنة التي وقع فيها التكليف على ذلك، نعم قد يكون بعضهم بهذه المثابة لكن لو نظر إلى ذلك البعض لكانت بعثة الأنبياء قبيحة لاستنكاف بعضهم منها، وأيضا هذا إنما يكون بالنسبة إلى شخص معين، أما مطلق الرئيس فلا. ونحن الآن لا نتعرض لتعيين ذلك الرئيس وأيضا فلأن المفسدة الحاصلة عند عدمه أغلب منها عند وجوده فيجب وجوده نظرا إلى حكمته.
وعن السابع: إن الإمام لا شك في كونه لطفا بالنسبة إلى غير المعصومين مع بقاء التكليف فيكون حينئذ واجبا، أما إذا أفتقد أحد الشرطين وهو جواز الخطأ على المكلفين أو التكليف لم نقل بوجوب الإمامة حينئذ وذلك لا يضرنا (2) لا يقال مذهبكم وجوب الإمامة مع التكليف مطلقا: لأنا نقول لا نسلم بل مع شرط آخر وهو جواز الخطأ.
وعن الثامن: إنها مصلحة فيها والشرع، لا نسلم جواز انقطاعة مع بقاء التكليف، وهذا المنع يتأتى من القائل بعدم جواز انفكاك التكليف

(1) ويجاب أيضا بأن العبد لو فعل الطاعة وترك المعصية خوفا منه تعالى لا لحسن الطاعة وقبح المعصية لكان ذلك أيضا من أعظم المفاسد بنظر هذا المعترض فتبطل عبادات الناس إلا من ندر، وأين من يزعم هذا من نبي الإسلام؟ على أن المقصود من بعثة تعالى الأنبياء ونصبه الأوصياء المعصومين عبادته (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) نعم لو كانت العبادة لذاته تعالى، لأنه مستحق لها بذاته لا طمعا في جنته ولا خوفا من ناره لكان ذلك أفضل العبادات لأن سواها باطل.
(2) لأن الخطأ جائز على البشر دائما والتكليف باق أبدا، فلطف الإمامة مستمر، وأين من البشر المعصوم عدا من وجبت له العصمة؟ وأين الوقت الذي اتفقت فيه عصمة الناس بأسرهم ليستغنوا عن الإمام؟ ولو اتفق ذلك لا نأبى من القول باستغناء الأمة عن الإمام، فكل وقت إذن يتعين فيه نصب الإمام، لبقاء التكليف وتجويز الخطأ معا.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست