كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣١
البحث السادس في أن نصب الإمام واجب والنظر في الوجوب وكيفيته وطريقه ومحله وإبطال كلام الخصم.
النظر الأول في الوجوب أجمع العقلاء كافة على الوجوب في الجملة خلافا للأزارقة (1) والأصفرية (2) وغيرهم من الخوارج (3) والدليل على الوجوب مطلقا أن الإمامة لطف وكل لطف واجب (4) والصغرى ضرورية قد ذكرناها، والكبرى مثبتة في علم الكلام لا يقال: إنما يجب اللطف عينا إذا لم يقم غيره مقامه، أما إذا قام فلا، سلمنا لكن الوجوب لا يكفي فيه وجه المصلحة ما لم يعلم انتفاء جهات القبح بأسرها فلم لا يجوز أن تكون الإمامة قد اشتملت على نوع

(1) أتباع نافع بن الأزرق الحنفي المكنى بأبي راشد، وكانوا أكبر فرق الخوارج عددا وأشدهم شوكة.
(2) ويقال لهم الصفرية أيضا مثل والبترية وهم أتباع زياد بن الأصفر.
(3) غير أن الذي وجدته في أرجوزة بعض العلماء من الأباضية ما ظاهره الوجوب، وهي أرجوزة محمد بن عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي العماني المولود عام 1286 والمتوفى عام 1332 المسماة ب‍ " جواهر النظام " قال في مستهل مبحث الإمامة ج 2 ص 116:
يلزم نصب قائم في الناس * في أربعين رجلا أكياس - بل يكاد أن يكون صريحا في الوجوب ولعل الوجوب رأي حادث لهم.
(4) أما لطف الإمامة فلكونها مقربة من الطاعة مبعدة عن المعصية، وإما أن كل لطف واجب فلكون اللطف محصلا للغرض، وذلك لأنه تعالى يريد عباده أن يعرفوه ويعبدوه، فلو كلفهم دون أن يبعث لهم الرسل المبلغين وينصب لهم الأئمة المرشدين حفظة للشرائع لم يحصل غرضه، فيجب عليه سبحانه تحصيلا لغرضه أن يبعث للعباد الأنبياء ويجعل لهم أوصياء معصومين.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست