عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني) إلى ﴿تكتمون﴾ (1) الآية، وقد عرف الله بذلك أن خلق الخليفة لا بد أن يسبق في الأرض لأجل التكليف، وعمارتها بخلقه، وإن الغاية خلق الخليفة، ولهذا قال أولا: إني جاعل في الأرض خليفة، وقالت الملائكة ذلك استكشافا أو قصورا لرجوعهم إلى تنبئهم، ولم يطلعوا على حقيقة الأمر، فقال لهم تعالى: * (إني أعلم ما لا تعلمون) * فلا دخل لهم في اختيار الخليفة وليس تفويضه لخلقه، فكيف اختيار أجلاف الأعراب وتيم وعدي، إنه لمن المحال.
وعين من هو الأهل والمستحق لها بقوله تعالى: * (وعلم آدم الأسماء كلها) * (2) فهل يمكن لمخلوق أن يطلع على من هو كذلك غير الله، أو يمكن أن يكل تعيينه لخلقه، أو يعين الرسول غيره؟ كلا وحاشا ولا يمكن إلا أنه منهم، ووقع، وهو لعلي وبنيه.
والخلافة تشمل حق الإمامة والخلافة بعد كل نبي، ولا يتغير اختيار الله، ويرجع إلى التفويض فإنه عجز وتكليف ما لا يطاق، فإنه لا يمكن ويصح إلا لمن يطلع على السرائر وفطرة الوجود ومن هو أهل الاستحقاق: النبوة وبدلها، وليس إلا الله ورسوله بتعليم الله لا غيره من الخلق طرا، وعرف من تعريف الله وجوده استمرار خليفة له في الأرض من قوله تعالى: * (إني جاعل في الأرض خليفة) * (3) فالمقتضي من وجوه قائم، وحاجة القائم وافتقاره لها موجود مستمر، بل فيما بعد ابتداء العمارة أشد وأقوى من وجوه، فيجب استمرارها لعدم عجز الله وعموم