ظلمكم في الدنيا، وهل هذه حرف بمنزلة لام العلة أو ظرف والتعليل مستفاد من قوة الكلام لا من اللفظ، فإنه إذا قيل: ضربته إذ أساء، وأريد [بإذ] الوقت اقتضى ظاهر الحال أن الإساءة سبب الضرب؟ قولان، وإنما يرتفع السؤال على القول الأول، فإنه لو قيل: (لن ينفعكم اليوم وقت ظلمكم الاشتراك في العذاب) لم يكن التعليل مستفادا، لاختلاف زمني الفعلين، ويبقى إشكال في الآية، وهو أن إذ لا تبدل من اليوم لاختلاف الزمانين، ولا تكون ظرفا لينفع، لأنه لا يعمل في ظرفين، ولا لمشتركون، لان معمول خبر الأحرف الخمسة لا يتقدم عليها ولان معمول الصلة لا يتقدم على الموصول، ولان اشتراكهم في الآخرة لا في زمن ظلمهم.
ومما حملوه على التعليل (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف) وقوله:
120 - فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم * إذ هم قريش، وإذ ما مثلهم بشر [ص 363 و 517 و 600] وقول الأعشى:
121 - إن محلا وإن مرتحلا * وإن في السفر إذ مضوا مهلا [ص 239 و 609 و 631] أي إن لنا حلولا في الدنيا وإن لنا ارتحالا عنها إلى الآخرة، وإن في الجماعة الذين ماتوا قبلنا إمهالا لنا، لانهم مضوا قبلنا وبقينا بعدهم، وإنما يصح ذلك كله على القول بأن إذ التعليلية حرف كما قدمنا.
والجمهور لا يثبتون هذا القسم، وقال أبو الفتح: راجعت أبا على مرارا في قوله تعالى: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم) الآية، مستشكلا إبدال إذ من اليوم، فآخر ما تحصل منه أن الدنيا والآخرة متصلتان، وأنهما في حكم الله تعالى سواء، فكأن اليوم ماض، أو كأن إذ مستقبلة انتهى.