وقال بعضهم: تقول (قد ركب الأمير) لمن ينتظر ركوبه، وفى التنزيل (قد سمع الله قول التي تجادلك) لأنها كانت تتوقع إجابة الله سبحانه وتعالى لدعائها.
وأنكر بعضهم كونها للتوقع مع الماضي، وقال: التوقع انتظار الوقوع، والماضي قد وقع.
وقد تبين بما ذكرنا أن مراد المثبتين لذلك أنها تدل على أن الفعل الماضي كان قبل الاخبار به متوقعا، لا أنه الآن متوقع، والذي يظهر لي قول ثالث، وهو أنها لا تفيد التوقع أصلا، أما في المضارع فلان قولك (يقدم الغائب) يفيد التوقع بدون قد، إذ الظاهر من حال المخبر عن مستقبل أنه متوقع له، وأما في الماضي فلأنه لو صح إثبات التوقع لها بمعنى أنها تدخل على ما هو متوقع لصح أن يقال في (لا رجل) بالفتح إن للاستفهام لأنها لا تدخل إلا جوابا لمن قال:
هل من رجل، ونحوه، فالذي بعد (لا) مستفهم عنه من جهة شخص آخر، كما أن الماضي بعد قد متوقع كذلك، وعبارة ابن مالك في ذلك حسنة، فإنه قال: إنها تدخل على ماض متوقع، ولم يقل إنها تفيد التوقع، ولم يتعرض للتوقع في الداخلة على المضارع البتة، وهذا هو الحق.
الثاني: تقريب الماضي من الحال، تقول (قام زيد) فيحتمل الماضي القريب والماضي البعيد، فإن قلت (قد قام) اختص بالقريب.
وانبنى على إفادتها ذلك أحكام:
أحدها: أنها لا تدخل على ليس وعسى ونعم وبئس لأنهن للحال، فلا معنى لذكر ما يقرب ما هو حاصل، ولذلك علة أخرى، وهي أن صيغهن لا يفدن الزمان، ولا يتصرفن، فأشبهن الاسم، وأما قول عدى: