فسألت أبا علي عن ذلك فقلت له: من أين له ذلك ولا نظير له من أصول بنات الأربعة يقابلها، وما أنكرت أن تكون زائدة لما لم نجد لها أصلا يقابلها كما قلنا في خنثعبة وكنهبل وعنصل وعنظب ونحو ذلك، فلم يزد في الجواب على أن قال: إنه قد ألحق به العليق، والإلحاق لا يوجد إلا بالأصول، وهذه دعوى عارية من الدليل، وذلك أن العليق وزنه فعيل وعينه مضعفة وتضعيف العين لا يوجد للإلحاق، ألا ترى إلى قلف وإمعة وسكين وكلاب؟ ليس شئ من ذلك بملحق لأن الإلحاق لا يكون من لفظ العين، والعلة في ذلك أن أصل تضعيف العين إنما هو للفعل نحو قطع وكسر، فهو في الفعل مفيد للمعنى، وكذلك هو في كثير من الأسماء نحو سكير وخمير وشراب وقطاع أي يكثر ذلك منه وفيه، فلما كان أصل تضعيف العين إنما هو للفعل على التكثير لم يمكن أن يجعل للإلحاق، وذلك أن العناية بمفيد المعنى عند العرب أقوى من العناية بالملحق، لأن صناعة الإلحاق لفظية لا معنوية، فهذا يمنع من أن يكون العليق ملحقا بغرنيق، وإذا بطل ذلك احتاج كون النون أصلا إلى دليل، وإلا كانت زائدة، قال: والقول فيه عندي إن هذه النون قد ثبتت في هذه اللفظة أنى تصرفت ثبات بقية أصول الكلمة، وذلك أنهم يقولون غرنيق وغرنيق وغرنوق وغرانق وغرونق، وثبتت أيضا في التكسير فقالوا غرانيق وغرانقة، فلما ثبتت النون في هذه المواضع كلها ثبات بقية أصول الكلمة حكم بكونها أصلا، وقول جنادة بن عامر:
بذي ربد، تخال الإثر فيه مدب غرانق خاضت نقاعا أراد غرانيق فحذف. ابن شميل: الغرنوق الخصلة المفتلة من الشعر.
ابن الأعرابي: جذب غرنوقه وهي ناصيته، وجذب نغروقه وهي شعر قفاه.
* غسق: غسقت عينه تغسق غسقا وغسقانا: دمعت، وقيل: انصبت، وقيل: أظلمت. والغسقان: الانصباب. وغسق اللبن غسقا: انصب من الضرع. وغسقت السماء تغسق غسقا وغسقانا: انصبت وأرشت، ومنه قول عمر، رضي الله عنه: حين غسق الليل على الظراب أي انصب الليل على الجبال. وغسق الجرح غسقا وغسقانا أي سال منه ماء أصفر، وأنشد شمر في الغاسق بمعنى السائل:
أبكي لفقدهم بعين ثرة، تجري مساربها بعين غاسق أي سائل وليس من الظلمة في شئ. أبو زيد: غسقت العين تغسق غسقا، وهو هملان العين بالعمش والماء. وغسق الليل يغسق غسقا وغسقانا وأغسق، عن ثعلب:
انصب وأظلم، ومنه قول ابن الرقيات:
إن هذا الليل قد غسقا، واشتكيت الهم والأرقا قال: ومنه حديث عمر حين غسق الليل على الظراب، وغسق الليل:
ظلمته، وقيل أول ظلمته، وقيل غسقه إذا غاب الشفق. وأغسق المؤذن أي أخر المغرب إلى غسق الليل. وفي حديث الربيع بن خثيم: أنه قال لمؤذنه يوم الغيم أغسق أغسق أي أخر المغرب حتى يغسق الليل، وهو إظلامه، لم نسمع ذلك في غير هذا الحديث. وقال الفراء في قوله تعالى: إلى غسق الليل، هو أول ظلمته، الأخفش: غسق