على ثقة: دعني من هند فلا جديدها ودعت ولا خلقها رقعت. وفي حديث الخرص: إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع، قال الخطابي: ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يترك لهم من عرض المال توسعة عليهم لأنه إن أخذ الحق منهم مستوفى أضر بهم، فإنه يكون منها الساقطة والهالكة وما يأكله الطير والناس، وكان عمر، رضي الله عنه، يأمر الخراص بذلك. وقال بعض العلماء: لا يترك لهم شئ شائع في جملة النخل بل يفرد لهم نخلات معدودة قد علم مقدار ثمرها بالخرص، وقيل: معناه أنهم إذا لم يرضوا بخرصكم فدعوا لهم الثلث أو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقه ويتركوا الباقي إلى أن يجف ويؤخذ حقه، لا أنه يترك لهم بلا عوض ولا اخراج، ومنه الحديث: دع داعي اللبن أي اترك منه في الضرع شيئا يستنزل اللبن ولا تستقص حلبه.
والوداع: توديع الناس بعضهم بعضا في المسير. وتوديع المسافر أهله إذا أراد سفرا: تخليفه إياهم خافضين وادعين، وهم يودعونه إذا سافر تفاؤلا بالدعة التي يصير إليها إذا قفل. ويقال ودعت، بالتخفيف، فوودع، وأنشد ابن الأعرابي:
وسرت المطية مودوعة، تضحي رويدا، وتمسي زريقا وهو من قولهم فرس وديع ومودوع ومودع. وتودع القوم وتوادعوا: ودع بعضهم بعضا. والتوديع عند الرحيل، والاسم الوادع، بالفتح. قال شمر: والتوديع يكون للحي والميت، وأنشد بيت لبيد: فودع بالسلام أبا حريز، وقل وداع أربد بالسلام وقال القطامي:
قفي قبل التفرق يا ضباعا، ولا يك موقف منك الوداعا أراد ولا يك منك موقف الوداع وليكن موقف غبطة وإقامة لأن موقف الوداع يكون للفراق ويكون منغصا بما يتلوه من التباريح والشوق. قال الأزهري: والتوديع، وإن كان أصله تخليف المسافر أهله وذويه وادعين، فإن العرب تضعه موضع التحية والسلام لأنه إذا خلف دعا لهم بالسلامة والبقاء ودعوا بمثل ذلك، ألا ترى أن لبيدا قال في أخيه وقد مات:
فودع بالسلام أبا حريز أراد الدعاء له بالسلام بعد موته، وقد رثاه لبيد بهذا الشعر وودعه توديع الحي إذا سافر، وجائز أن يكون التوديع تركه إياه في الخفض والدعة. وفي نوادر الأعراب: تودع مني أي سلم علي. قال الأزهري: فمعنى تودع منهم أي سلم عليهم للتوديع، وأنشد ابن السكيت قول مالك بن نويرة وذكر ناقته:
قاظت أثال إلى الملا، وتربعت بالحزن عازبة تسن وتودع قال: تودع أي تودع، تسن أي تصقل بالرعي. يقال:
سن إبله إذا أحسن القيام عليها وصقلها، وكذلك صقل فرسه إذا أراد أن يبلغ من ضمره ما يبلغ الصيقل من السيف، وهذا مثل،