وضعفا لحق العين، فجعلت السين عوضا من سكون العين الموهن لها المسبب لقلبها وحذفها، وحركة الفاء بعد سكونها لا تدفع عن العين ما لحقها من الضعف بالسكون والتهيؤ للحذف عند سكون اللام، ويؤكد ما قال سيبويه من أن السين عوض من ذهاب حركة العين أنهم قد عوضوا من ذهاب حركة هذه العين حرفا آخر غير السين، وهو الهاء في قول من قال أهرقت، فسكن الهاء وجمع بينها وبين الهمزة، فالهاء هنا عوض من ذهاب فتحة العين لأن الأصل أروقت أو أريقت، والواو عندي أقيس لأمرين: أحدهما أن كون عين الفعل واوا أكثر من كونها ياء فيما اعتلت عينه، والآخر أن الماء إذا هريق ظهر جوهره وصفا فراق رائيه، فهذا أيضا يقوي كون العين منه واوا، على أن الكسائي قد حكى راق الماء يريق إذا انصب، وهذا قاطع بكون العين ياء، ثم إنهم جعلوا الهاء عوضا من نقل فتحة العين عنها إلى الفاء كما فعلوا ذلك في أسطاع، فكما لا يكون أصل أهرقت استفعلت كذلك ينبغي أن لا يكون أصل أسطعت استفعلت، وأما من قال استعت فإنه قلب الطاء تاء ليشاكل بها السين لأنها أختها في الهمس، وأما ما حكاه سيبويه من قولهم يستيع، فإما أن يكونوا أرادوا يستطيع فحذفوا الطاء كما حذفوا لام ظلت وتركوا الزيادة كما تركوها في يبقى، وإما أن يكونوا أبدلوا التاء مكان الطاء ليكون ما بعد السين مهموسا مثلها، وحكى سيبويه ما أستتيع، بتاءين، وما أستيع وعد ذلك في البدل، وحكى ابن جني استاع يستيع، فالتاء بدل من الطاء لا محالة، قال سيبويه: زادوا السين عوضا من ذهاب حركة العين من أفعل. وتطاوع للأمر وتطوع به وتطوعه: تكلف استطاعته. وفي التنزيل:
فمن تطوع خيرا فهو خير له، قال الأزهري: ومن يطوع خيرا، الأصل فيه يتطوع فأدغمت التاء في الطاء، وكل حرف أدغمته في حرف نقلته إلى لفظ المدغم فيه، ومن قرأ: ومن تطوع خيرا، على لفظ الماضي، فمعناه للاستقبال، قال: وهذا قول حذاق النحويين. ويقال: تطاوع لهذا الأمر حتى نستطيعه. والتطوع: ما تبرع به من ذات نفسه مما لا يلزمه فرضه كأنهم جعلوا التفعل هنا اسما كالتنوط.
والمطوعة: الذين يتطوعون بالجهاد، أدغمت التاء في الطاء كما قلناه في قوله: ومن يطوع خيرا، ومنه قوله تعالى: والذين يلمزون المطوعين من المؤمنين، وأصله المتطوعين فأدغم. وحكى أحمد بن يحيى المطوعة، بتخفيف الطاء وشد الواو، ورد عليه أبو إسحق ذلك. وفي حديث أبي مسعود البدري في ذكر المطوعين من المؤمنين: قال ابن الأثير: أصل المطوع المتطوع فأدغمت التاء في الطاء وهو الذي يفعل الشئ تبرعا من نفسه، وهو تفعل من الطاعة.
وطوعة: اسم.
* طيع: الطيع: لغة في الطوع معاقبة.
فصل الظاء المعجمة * ظلع: الظلع: كالغمز. ظلع الرجل والدابة في مشيه يظلع ظلعا: عرج وغمز في مشيه، قال مدرك بن محصن (* قوله محصن كذا في الأصل، وفي شرح القاموس حصن):
رغا صاحبي بعد البكاء، كما رغت موشمة الأطراف رخص عرينها من الملح لا تدري أرجل شمالها بها الظلع، لما هرولت، أم يمينها