وسائر القراء قرؤوه:
ودعك، بالتشديد، وقرأ عروة بن الزبير: ما ودعك ربك، بالتخفيف، والمعنى فيهما واحد، أي ما تركك ربك، قال:
وكان ما قدموا لأنفسهم أكثر نفعا من الذي ودعوا وقال ابن جني: إنما هذا على الضرورة لأن الشاعر إذا اضطر جاز له أن ينطق بما ينتجه القياس، وإن لم يرد به سماع، وأنشد قول أبي الأسود الدؤلي:
ليت شعري، عن خليلي، ما الذي غاله في الحب حتى ودعه؟
وعليه قرأ بعضهم: ما ودعك ربك وما قلى، لأن الترك ضرب من القلى، قال: فهذا أحسن من أن يعل باب استحوذ واستنوق الجمل لأن استعمال ودع مراجعة أصل، وإعلال استحوذ واستنوق ونحوهما من المصحح ترك أصل، وبين مراجعة الأصول وتركها ما لا خفاء به، وهذا بيت روى الأزهري عن ابن أخي الأصمعي أن عمه أنشده لأنس بن زنيم الليثي:
ليت شعري، عن أميري، ما الذي غاله في الحب حتى ودعه؟
لا يكن برقك برقا خلبا، إن خير البرق ما الغيث معه قال ابن بري: وقد روي البيتان للمذكورين، وقال الليث: العرب لا تقول ودعته فأنا وادع أي تركته ولكن يقولون في الغابر يدع، وفي الأمر دعه، وفي النهي لا تدعه، وأنشد:
أكثر نفعا من الذي ودعوا يعني تركوا. وفي حديث ابن عباس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:
لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن على قلوبهم أي عن تركهم إياها والتخلف عنها من ودع الشئ يدعه ودعا إذا تركه، وزعمت النحوية أن العرب أماتوا مصدر يدع ويذر واستغنوا عنه بترك، والنبي، صلى الله عليه وسلم، أفصح العرب وقد رويت عنه هذه الكلمة، قال ابن الأثير: وإنما يحمل قولهم على قلة استعماله فهو شاذ في الاستعمال صحيح في القياس، وقد جاء في غير حديث حتى قرئ به قوله تعالى: ما ودعك ربك وما قلى، بالتخفيف، وأنشد ابن بري لسويد بن أبي كاهل:
سل أميري: ما الذي غيره عن وصالي، اليوم، حتى ودعه؟
وأنشد لآخر:
فسعى مسعاته في قومه، ثم لم يدرك، ولا عجزا ودع وقالوا: لم يدع ولم يذر شاذ، والأعرف لم يودع ولم يوذر، وهو القياس. والوداع، بالفتح: الترك. وقد ودعه ووادعه وودعه ووادعه دعاء له من ذلك، قال:
فهاج جوى في القلب ضمنه الهوى، ببينونة ينأى بها من يوادع وقيل في قول ابن مفرغ:
دعيني من اللوم بعض الدعه أي اتركيني بعض الترك. وقال ابن هانئ في المرريه (* قوله في المرريه كذا بالأصل) الذي يتصنع في الأمر ولا يعتمد منه