لسان العرب - ابن منظور - ج ٦ - الصفحة ٢١٤
فقال امرؤ القيس:
أرقت له ونام أبو شريح فقال التوأم:
إذا ما قلت قد هدأ استطارا فقال امرؤ القيس:
كأن هزيزه بوراء غيب فقال التوأم:
عشار وله لاقت عشارا فقال امرؤ القيس:
فلما أن علا كنفي أضاخ فقال التوأم:
وهت أعجاز ريقه فحارا فقال امرؤ القيس:
فلم يترك بذات السر ظبيا فقال التوأم:
ولم يترك بجلهتها حمارا ومثل ما فعل امرؤ القيس بالتوأم فعل عبيد بن الأبرص بامرئ القيس، فقال له عبيد: كيف معرفتك بالأوابد؟ فقال امرؤ القيس: ألق ما أحببت، فقال عبيد:
ما حية ميتة أحيت بميتها درداء، ما أنبتت نابا وأضراسا؟
قال امرؤ القيس:
تلك الشعيرة تسقى في سنابلها، فأخرجت بعد طول المكث أكداسا فقال عبيد:
ما السود والبيض والأسماء واحدة، لا يستطيع لهن الناس تمساسا؟
فقال امرؤ القيس:
تلك السحاب إذا الرحمن أنشأها، روى بها من محول الأرض أنفاسا ثم لم يزالا على ذلك حتى كملا ستة عشر بيتا.
تفسير الأبيات الرائية: قوله هب وهنا، الوهن: بعد هدء من الليل.
وبريقا: تصغيره تصغير التعظيم كقولهم دويهية يريد أنه عظيم بدلالة قوله: كنار مجوس تستعر استعارا وخص نار المجوس لأنهم يعيدونها. وقوله: أرقت له أي سهرت من أجله مرتقبا له لأعلم أين مصاب مائه. واستطار: انتشر. وهزيزه: صوت رعده.
وقوله: بوراء غيب أي بحيث أسمعه ولا أراه. وقوله: عشار وله أي فاقدة أولادها فهي تكثر الحنين ولا سيما إذا رأت عشارا مثلها فإنه يزداد حنينها، شبه صوت الرعد بأصوات هذه العشار من النوق.
وأضاخ: اسم موضع، وكفاه: جانباه. وقوله: وهت أعجاز ريقه أي استرخت أعجاز هذا السحاب، وهي مآخيره، كما تسيل القربة الخلق إذا استرخت.
وريق المطر: أوله. وذات السر: موضع كثير الظباء والحمر، فلم يبق هذا المطر ظبيا به ولا حمارا إلا وهو هارب أو غريق. والجلهة:
ما استقبلك من الوادي إذا وافيته. ابن سيده: المجوس جبل معروف جمع، واحدهم مجوسي، غيره: وهو معرب أصله منج كوش، وكان رجلا صغير الأذنين كان أول من دان بدين المجوس ودعا الناس إليه، فعربته العرب فقالت: مجوس ونزل القرآن به، والعرب ربما تركت صرف مجوس إذا شبه بقبيلة من القبائل، وذلك أنه اجتمع فيه العجمة والتأنيث، ومنه قوله:
كنار مجوس تستعر استعارا وفي الحديث: كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يمجسانه أي يعلمانه دين المجوسية. وفي الحديث: القدرية مجوس هذه الأمة، قيل: إنما جعلهم مجوسا لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس في قولهم بالأصلين: وهما النور والظلمة، يزعمون أن الخير من فعل النور، وأن الشر من فعل الظلمة، وكذا القدرية يضيفون الخير إلى الله والشر إلى الإنسان والشيطان، والله تعالى خالقهما معا لا يكون شئ منهما إلا بمشيئته تعالى وتقدس، فهما مضافان إليه خلقا وإيجادا، وإلى الفاعلين لهما عملا واكتسابا.
ابن سيده: ومجوس اسم للقبيلة، وأنشد أيضا:
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة