شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ٩٨
وذهب بعض القدماء إلى أنه يجب النصب على الاستثناء، ولا يجوز الأبدال، إذا صلح الكلام للإيجاب بحذف حرف النفي، نحو: ما جاءني القوم إلا زيدا، فإنه يجوز:
جاءني القوم إلا زيدا، فكما لا يجوز الأبدال في الموجب، لا يجيزه 1 في غير الموجب قياسا عليه، وهو باطل بقوله تعالى: (... ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) 2 بالأبدال، وبقوله تعالى: (ما فعلوه إلا قليل منهم 3)، فإن الفعل يصلح للإيجاب مع أن البدل هو المختار 4، وأما إذا لم يصلح الفعل للإيجاب، نحو: ما جاءني أحد إلا زيد، وما جاءني رجل إلا عمرو، فإنه يجيز البدل والنصب، إذ لا يجوز: جاءني أحد إلا زيدا حتى يقاس عليه غير الموجب في وجوب النصب، ومن جعل للفراء 5، ولهذا القائل قياس غير الموجب على الموجب، ومن أين لهما ذلك؟
هذا، ولما تقرر أن الاتباع هو الوجه مع الشرائط المذكورة، وكان أكثر القراء على النصب في قوله تعالى: (ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك 6)، تكلف 7 جار الله 8، لئلا تكون قراءة الأكثر محمولة على وجه غير مختار، فقال: (امرأتك) بالرفع، بدل من (أحد) وبالنصب مستثنى من قوله تعالى: (فأسر بأهلك) 9 لا من قوله (ولا يلتفت

(1) أي هذا القائل الذي عبر عنه ببعض القدماء (2) الآية 6 من سورة النور (3) الآية 66 سورة النساء (4) علته أن القراء السبعة قرأوا به، (5) جمع في رده على هذا بين الفراء وهذا القائل لاشتراك الرأيين في قياس غير الموجب على الموجب، (6) الآية 81 سورة هود، (7) جواب قوله: ولما تقرر (8) أي الزمخشري، ورأيه هذا في متن المفصل، وانظر شرح ابن يعيش عليه ج 2 ص 81 وما بعدها، وفيه إجابة مفصلة وشرح واف لهذه المسألة، (9) من الآية السابقة في سورة هود،
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست