أخرجته من هذه الصلاحية، إذ لا يخاطب اثنان في كلام واحد إلا أن يجمعا في كلمة الخطاب، نحو: يا زيدان فعلتما، وأنتما قلتما، أو بعطف أحدهما على الآخر، نحو:
أنت وأنت فعلتما، مع أن خطاب المعطوف لا يكون إلا بعد الأضراب عن خطاب المعطوف عليه، فصار (ذاك)، مثل: غلامك، فلا تقول: هذاك، كما لا تقول: يا غلامك، ولا: غلامك قلت كذا، فالكاف توجب كون ما وليته غائبا في التعبير عنه، نحو:
غلامك قال كذا، وإن لم يمتنع حضوره، إذ ربما قلت هذا مع حضور غلام المخاطب، فلما أوردت الكاف في اسم الإشارة معنى الغيبة، وقد كان كالموضوع للحضور من حيث كونه موضوعا للمشار إليه القريب، صار مع الكاف بين الحضور والغيبة، وهذا هو حال المتوسط، فإذا أردت التنصيص على البعد، جئت بعلامته وهي اللام فقلت:
ذلك، ثم نقول: لفظ ذلك، يصح أن يشار به إلى كل غائب، عينا كان أو معنى، يحكى عنه أولا ثم يؤتى باسم الإشارة، تقول في العين: جاءني رجل فقلت لذلك الرجل، وفي المعنى: تضاربوا ضربا بليغا، فهالني ذلك الضرب، وإنما يورد اسم الإشارة بلفظ البعد، لأن المحكي عنه غائب، ويجوز في هذه الصورة على قلة: أن يذكر اسم الإشارة بلفظ الحاضر القريب نحو: قلت لهذا الرجل، وهالني هذا الضرب، أي: هذا المذكور عن قريب، لأن المحكي عنه وإن كان غائبا إلا أن ذكره جرى عن قريب فكأنه حاضر، وكذا يجوز لك في القول المسموع عن قريب: ذكر اسم الإشارة بلفظ الغيبة والبعد، كما تقول: بالله الطالب الغالب، وذلك قسم عظيم، لأفعلن، قال الله تعالى: (كذلك يضرب الله للناس أمثالهم 1) مشيرا بذلك إلى ضرب المثل الحاضر المتقدم، وهو قوله: (ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم 2)، الآية،