(قال الرضي:) اعلم أن الجملة لبست نكرة ولا معرفة، لأن التعريف والتنكير من عوارض الذات إذ التعريف: جعل الذات مشارا بها إلى خارج، إشارة وضعية، والتنكير: ألا يشار بها إلى خارج في الوضع، كما يجئ في باب المعرفة والنكرة، وإذا لم تكن الجملة ذاتا، فكيف يعرض لها التعريف والتنكير، فيخصص قولهم: النعت يوافق المنعوت في التعريف والتنكير بالنعت المفرد، فإن قيل: فإذا لم تكن الجملة لا معرفة ولا نكرة، فلم جاز نعت النكرة بها دون المعرفة؟
قلت: لمناسبتها للنكرة، من حيث يصح تأويلها بالنكرة، كما تقول في، قام رجل ذهب أبوه، أو: أبوه ذاهب: قام رجل ذاهب أبوه، وكذا تقول في، مررت برجل أبوه زيد: إنه بمعنى: كائن أبوه زيدا، وكل جملة يصح وقوع المفرد مقامها 1، فلتلك الجملة موضع من الأعراب، كخبر المبتدأ، والحال، والصفة، والمضاف إليه، ولا نقول إن الأصل في هذه المواضع هو المفرد، كما يقول بعضهم، وان الجملة إنما كان لها محل لكونها فرع المفرد، لأن ذلك دعوى بلا برهان، بل يكفي في كون الجملة ذات محل: وقوعها موقعا يصح وقوع المفرد هناك 3، كما في المواضع المذكورة، وقال بعضهم: الجملة نكرة، لأنها حكم، والأحكام نكرات، إشارة 4 إلى أن الحكم