شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ١٧١
وهذا الذي قاله مخالف لظاهر قول سيبويه، لأنه قال 1: اعلم أن (لا) في الاستفهام أو العرض، تعمل فيما بعدها، كما تعمل فيه إذا كانت في الخبر، فمن ذلك قول حسان:
255 - ألا طعان ألا فرسان عادية * الا تجشؤكم حول التنانير 2 وفي مثل: ألا قماص بالعير 3، يضرب لمن ذل بعد عزة، فمعنى الاستفهام فيما ذكر من الشعر والمثل ظاهر، ولم يذكر سيبويه أن حال (الا) في العرض كحاله قبل الهمزة، بل ذكره السيرافي، وتبعه الجزولي والمصنف، ورد ذلك الأندلسي وقال:
هذا خطأ، لأنها إذا كانت عرضا، كانت من حروف الأفعال كإن ولو، وحرف التحضيض، فيجب انتصاب الاسم بعدها في نحو: ألا زيدا تكرمه، وأما إذا كان (ألا) بمعنى التمني، كقوله:
256 - ألا سبيل إلى خمر فأشربها * ألا سبيل إلى نصر بن حجاج 4 فالمازني والمبرد، قالا: حكمها حكم المجردة، فيجوز عندهما، العطف والوصف على الموضع، نحو: ألا مال كثير، أنفقه، و: ألا ماء وخمرا أشربهما، وخبرها عندهما إما ظاهر أو مقدر، كما في المجردة،

(1) عبارة سيبويه في ج 1 ص 358، ليس فيها ذكر العرض، والشارح نفسه سينبه على ذلك، (2) من أبيات لحسان بن ثابت الأنصاري في هجاء بني الحارث بن كعب يقول فيها:
حار بن كعب ألا أحلام تزجركم * عني وأنتم من الجوف الجماخير لا بأس بالقوم من طول ومن غلظ * جسم البغال وأحلام العصافير (3) المعروف في المثل: لا قماص بالعير، والقماص بضم القاف وبكسرها ما يبديه الحيوان من حركات تدل على نشاطه وقوته، فمعنى المثل: اخبار بأنه أصبح لا يستطيع ذلك، (4) لهذا البيت وما يتصل به قصة حدثت في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وامتلأت بها كتب الأدب، وصاحبة الشعر امرأة سمعها عمر، وهو يمر ليلا، وهي تتغنى بهذا الشعر وقد أطلقوا على هذه المرأة اسم: المتمنية، واستدعى عمر، نصر بن حجاج فوجده جميل الصورة فنفاه، وقد أورد البغدادي هذه القصة بروايات مختلفة، وذكر ما لقيه نصر بن حجاج بسبب جماله من نفي وتشريد،
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست