وقيل: إنما لم يبن مع الفصل، لأنهما لما مزجا، تعدى البناء من (لا) إلى المنفى بسبب التركيب، فإذا انتفى التركيب، انتفى تعدي البناء إليه، ثم نقول: ويجوز، لما ذكرنا من ضعف عملها، أن تلغيها مع كون المنفي نكرة غير مفصولة، ويجب في المواضع الثلاثة التي ألغيت فيها (لا)، إما وجوبا، كما في المعرفة والمفصول، وإما جوازا، كما في النكرة المتصلة، تكرير 1 (لا)، ولا يجب ذلك إذا أعلمتها، أو بنيت اسمها، وذلك لأن المقصود قيام القرينة على كونها لنفي الجنس، وعملها عمل (إن) أو بناء اسمها كاف في هذا الغرض، إذ لا يكونان إلا مع (لا) التبرئة، أما إذا ألغيت، فإنه جعل تكريرها منبها على كونها لنفي الجنس في النكرات، لأن نفي الجنس هو تكرير النفي في الحقيقة، وأما في المعارف، فالتكرير جبران لما فاتها من نفي الجنس الذي لا يمكن أن يحصل في المعرفة، وأجاز أبو العباس 2، وابن كيسان 3، عدم تكرير (لا) في المواضع الثلاثة، أما مع المعرفة فنحو: لا زيد في الدار، وقولهم: لا نولك أن تفعل كذا، وأما مع المفصول فنحو: لا فيها رجل، قال:
246 - بكت جزعا واسترجعت ثم آذنت * كتائبها أن لا إلينا رجوعها 4 وأما مع المنكر المتصل، فنحو: لا رجل في الدار، قال:
247 - وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا * حياتك لا نفع وموتك فاجع 5