وأما عذر من أورد المسألة في باب الأوامر فهو عدم اشتمال كتابه على المبادي الأحكامية، والنكتة - في تعبيره عن مورد الخلاف بلفظي الأمر والنهي مع عموم النزاع لمطلق الوجوب والتحريم - أن الغالب كونهما مدلولين لهما.
وأما المراد بعدم الجواز عرفا في التفصيل المتقدم فهو أحد أمرين:
أحدهما: الذي هو أظهرهما هو عدم الجواز بنظر المسامحة الغير المبني على الدقائق الحكمية، وتوصيفه بالعرفي باعتبار أن أنظارهم في المطالب على هذا النحو، فمراد المفصل: أن العقل يحكم بجواز الاجتماع بملاحظة الدقائق الحكمية، وأما بالنظر البدوي الغير الملحوظ فيه تلك الدقائق فهو قاض بامتناعه.
ويتفرع على ذلك ما يتفرع على حكم العقل بامتناعه بدقيق النظر من التعارض بين الخطابين، نظرا إلى أن أحكام الشارع مبنية على الأنظار العرفية دون الدقائق الحكمية.
وثانيهما: عدم الجواز العقلي المبني على التدقيق، لكن بالنظر إلى ما يفهمه العرف من الأمر والنهي، بمعنى أن العرف يفهمون منهما معنيين يمتنع عند العقل اجتماعهما في موضع.
والمراد بالجواز عقلا - حينئذ - أن العقل لا يأبى عن صيرورة فرد واحد مصداقا لعنوانين: أحدهما متعلق للأمر، والآخر متعلق للنهي، ووقوعه امتثالا من أحدهما، وعصيانا للآخر.
وبعبارة أخرى: إنه لا بأس بوقوع (1) الصلاة في المكان المغصوب امتثالا للأمر بالصلاة ومبرئة عنه وعصيانا للنهي عن الغصب، لكن العرف يفهمون من طلب فعل الصلاة وطلب ترك الغصب معنيين يمتنع اجتماعهما عقلا.