أو عدم جوازه - لا بد من استنباط حكم أصولي، وهو حكم تعارض الدليلين، أو عدم تعارضهما، ثم بعد هذين نستنبط حكم الصلاة في الدار المغصوبة - مثلا - من قوله: صل ولا تغصب، فلا تكون أصولية، لفرض توسط استنباط آخر غير استنباط نفس الحكم الفرعي، بل يكون من المبادئ الأحكامية لصدقها عليها، فإنها عبارة عن المسائل المبحوث فيها عن الحكم أو لوازمه، ومن المعلوم أن البحث عن جواز اجتماع الوجوب والحرمة بحث عن لوازمهما، ويتفرع على هذا البحث أحد الأمرين على اختلاف القولين فيه، وهما تحقق موضوع التعارض بين الدليلين، أو عدم تعارضهما، وكل واحد منهما موضوع لحكم أصولي، وهو حكم التعارض أو عدمه.
ثم الظاهر من عنوان المسألة في باب الأمر لا سيما بملاحظة تحريره مورد الخلاف بلفظي الأمر والنهي الظاهرين في القول: إن النزاع فيها إنما هو من الحيثية الأولى، فتكون لفظية.
ويؤيده التفصيل المحكي فيها عن الأردبيلي رحمه الله وصاحب الرياض في رسالته المنفردة لهذه المسألة: من القول بجواز اجتماع الأمر والنهي عقلا وعدمه عرفا، إذ الظاهر من تقابل العرف للعقل اعتبار جهة فهمهم من خطابي الأمر والنهي تخصيص أحدهما بالنسبة إلى مورد الاجتماع وعدمه.
هذا، لكن الظاهر أن النزاع في المقام إنما هو بالاعتبار الثالث دون الأول أو الثاني.
أما الأول: فلأنه وإن كان يوهمه ما عرفت، إلا أن التأمل في أدلتهم الآتية قاض بعدمه، فإن من أدلة المانعين من الاجتماع لزوم التكليف المحال، أو بالمحال، أو التكليف المحال بالمحال، وهذا كما ترى لا ربط له بإثبات الدلالة اللفظية بوجه، ومثله لزوم التناقض الذي هو أحد أدلتهم، فلا بد إذن من صرف ما عرفت إلى ما لا ينافي ذلك.