وأما الثاني: فلإباء احتجاج المانعين بلزوم اجتماع الضدين، أو النقيضين عنه فما زعمه المحقق القمي (1) رحمه الله من كون المسألة كلامية بمكان من الضعف، فتعين أنه بالاعتبار الثالث.
والظاهر أن المسألة على هذا التقدير من المبادئ الأحكامية، لا الأصولية، فإن الظاهر اختصاص الأصولية بما يكون موضوع البحث فيه أحد الأدلة المعروفة للفقه، التي لا واسطة بينها وبين استنباط نفس الحكم الفرعي، فإن الظاهر من تعريفهم لعلم أصول الفقه - بأنه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعية - أن المراد بالقواعد في ذلك الحد يكون قواعد وطرقا لاستنباط الحكم الفرعي بلا واسطة استنباط آخر.
ويقوي ذلك - بل يعينه - أن جماعة من الأعلام أوردوا المسألة في باب الأحكام.
وملخص الكلام في محل النزاع في المقام أن البحث: إنما هو في جواز اجتماع الوجوب والتحريم عقلا من غير مدخلية لخصوصية الأمر والنهي أصلا، ومن غير تعميم النزاع إلى سائر الأحكام أيضا، ولعلنا نتعرض في آخر المبحث - إن شاء الله - لتحقيق الحال بالنسبة إلى سائر الأحكام وبالنسبة إلى جهة فهم العرف تخصيص أحد من الأمر والنهي بالنسبة إلى مورد الاجتماع وعدمه، فانتظر (2).