يعقل كونه سببا لاستحقاقه أو دخيلا في السببية.
والحاصل: أن السبب له إن كان أصل إحداث السيئة أو الحسنة فهما متساويان فيه، فاستحقاق أحدهما له دون الآخر ترجيح بلا مرجح، وإن فرض كونه العمل بها المفروض صدوره من غيرهما أو هو منضما إلى إحداث السيئة، فهو فرض أمر محال، لامتناع مدخليته في الاستحقاق بوجه، وقياسهما بالشخصين القاطعين بخمرية المائعين أحدهما خمر في الواقع والآخر غير خمر، مع شرب كل منهما لما قطع بخمريته باطل، للفرق بين المقامين بأن الذي لم يصادف قطعه للواقع هناك غير مساو لمن صادف قطعه له في سبب استحقاق العقاب وهو الفعل الاختياري للمستحق له لتحققه من الثاني دون الأول أصلا، هذا بخلاف المقام، لفرض مساواة المحدثين للسيئة في الفعل الاختياري وعدم اختصاصه بواحد منهما فيكون تلك الأخبار مخالفة لحكم العقل، فيلزم طرحها إن لم يكن تأويلها إلى ما لا ينافيه ولا يكاد يتصور لها تأويل، إذ غاية ما يتصور في بادئ النظر حمل المقدار الزائد على التفضل، وهو باطل بالضرورة إذا كان هو العقاب إذ لا يعقل العقاب تفضلا، بل يقبح مع فرض عدم () سبب موجب له.
وأما بالنسبة إلى الثواب ففي غاية الإشكال أيضا، لأن التفضل ليس إعطاء خير مع عدم صدور أمر من المفضل بالفتح أصلا، بل معناه أن يكون العطاء زائدا على مقدار استحقاق المعطي بحسب ما صدر منه، والمفروض أنه لم يصدر من الذي كثر العمل بسيئته أو حسنته أمر موجب لاستحقاقه له في الجملة غير صادر من الآخر، فيكون تخصيص أحدهما بذلك المقدار الزائد ترجيحا بلا مرجح، والمقدار الزائد من عمل الغير سيئة لا يصلح لكونه مرجحا لخروجه عن