ارتفاعها بعد ثبوتها فيتوقف الحكم بفسقه على كون نفس التجري فسقا ومعصية، نعم انتفائها مسلم فيمن لم يثبت له تلك الملكة فيه فافهم.
قوله - قدس سره -: (وقد قال بعض العامة نحكم بفسق المتعاطي ذلك، لدلالته على عدم المبالاة بالمعاصي ويعاقب في الآخرة ما لم يثبت عقابا متوسطا بين الصغيرة والكبيرة وكلاهما تحكم وتخرص على الغيب انتهى) () أقول: كون الثاني تخرصا على الغيب مسلم لأن المحرمات المعلومة بالضرورة من الدين لا يجوز القطع بفعلية العقاب عليها، لأن فعل المحرم مع عدم التوبة لا يكون علة تامة له، نعم التوبة علة لعدمه، فكيف بالقطع بكيفية ذلك، والبحث المتقدم إنما هو في كونه علة لاستحقاق العقاب فحسب.
وأما كون الأول تحكما ففيه منع، لما مر من أن التحقيق كون التجري معصية.
نعم تعليل الحكم بفسق متعاطيه - بكونه كاشفا عن عدم مبالاته بالمعاصي الذي هو معنى انتفاء ملكة العدالة فيه - لا يتم مطلقا كما عرفت، فالصحيح تعليله بكونه معصية، فإن ذلك القائل ذاهب إلى كونه معصية بمقتضى حكمه بالعقاب عليه في الآخرة، فإن كان مراد المصنف كونه تحكما بالنظر إلى تعليله بما ذكر فهو جيد إكمال: التجري كما يتحقق بمخالفة القطع بالحكم الواقعي كذلك يتحقق بالقطع بالحكم الظاهري كمؤدى الأصول والطرق الظاهرية، والحكم في المقامين واحد لاتحاد المناط فيهما كما لا يخفى.
خاتمة: كلما ذكرنا في حكم مخالفة القطع إنما هو بالنظر إلى اتحادها مع