وبالجملة: منشأ الشك في حكم مورد الاجتماع إنما هو الشك في كيفية جعل الوجوب والحرمة الموجودتين فيه قوة وضعفا، وهذا غير الأهمية الملحوظة في باب التزاحم، فافهم ولا تغفل.
وإن شئت قلت: إن هذا إنما هي الأهمية الملحوظة في مقام إنشاء الحكم الأولي، وتلك هي الأهمية الملحوظة في مقام الامتثال دون الحكم الأولي.
ثم إنه بعد ما عرفت ما ذكرنا، فهل الترجيح للأمر أو للنهي، أو لا ترجيح لأحدهما على الآخر أصلا؟ خير الثلاثة وأقواها أوسطها، فإن استقراء الموارد الشرعية المجتمعة فيها جهتا الوجوب والحرمة من العبادات والمعاملات قاض بترجيح النهي في مورد الشك، فإن المتتبع يجد في تلك الموارد أن الشارع غلب جانب الحرمة على جانب الوجوب في غالبها، فيلحق المشكوك بالغالب.
ألا ترى أنه لو توقف عبادة على ارتكاب أدنى محرم من المحرمات رفع الشارع [يده] عن تلك العبادة، وهكذا الحال في المعاملات أيضا.
وبالجملة: هذه الغلبة من القوة بمثابة كادت تفيد القطع بأن بناء الشارع على ذلك في كافة تلك الموارد.
وقد يستدل للترجيح بوجوه أخرى غير ناهضة للمدعى، فالأولى الإعراض عنها.
ثم إنه - بعد فرض عدم المرجح لأحدهما أصلا - فهاهنا مقامان لا بد من تحقيق أن مقتضى الأصول العملية المقررة لصورة الشك في كل منها ما ذا؟ فنقول:
المقام الأول: أن يشك في مورد الاجتماع من حيث حكمه التكليفي من حيث جواز ارتكابه وعدمه.
الثاني: أن يشك فيه من حيث حكمه الوضعي من الصحة والفساد.