المجمعين إنما حكموا بها لاقتضاء القاعدة عندهم لها، لعدم الاعتماد على مثل هذا الإجماع لعدم الكشف فيها أصلا، فيكون الاعتماد على القاعدة لا عليه، وقد عرفت أنها لا تتم في إثبات الصحة إلا بذلك التوجيه، فافهم.
اللهم إلا أن يثبت اتفاق الكل المشتمل على المعصوم عليه السلام ثم إن هنا فوائد اخر تلقيناها منه - دام ظله - وكتبناها في آخر مسألة دلالة النهي على الفساد، وسميناها زيادات مسألة اجتماع الأمر والنهي، فإن شئت الاطلاع عليها فراجع ثمة.
الرابع:
إذا بنينا على امتناع اجتماع الأمر والنهي فقد عرفت أنه لا بد من خروج موارد الاجتماع عن أحدهما على حسب ما يقتضيه المرجح، فهل المرجحات التي يرجع إليها في المقام هي التي يرجع إليها في التراجيح السندية أو الدلالية كما في التخصيصات المتعارفة، أو أمور وراء تينك؟ الحق هو الأخير، إذ النزاع في المقام بعد الفراغ عن صحة سندي الأمر والنهي وعن دلالة كل منهما على دخول مورد الاجتماع فيه على نحو ما يدل عليه الآخر، بحيث ليست دلالة أحدهما عليه أقوى من دلالة الآخر بالنصوصية أو الأظهرية، وهذا واضح لا غبار عليه بوجه.
نعم هنا شيء ينبغي التنبيه عليه: وهو أن المرجح في المقام غير المرجحات في باب التزاحم أيضا، إذ المرجح هناك إنما هي الأهمية، ومن المعلوم أن الأهم في نظر الشارع أيضا إنما هو مراعاة جانب الحرمة وامتثال الواجب بغير مورد الاجتماع على تقدير جواز الاجتماع، فعلى تقدير الامتناع - كما هو المفروض - لا يكون منشأ التخيير هو الجهل بأن الأهم منهما ما ذا؟ بل منشؤه إنما هو الجهل بأن الغالب من المصلحة والمفسدة بالنسبة إلى مورد الاجتماع أيهما، فهل هي المصلحة فاضمحلت مفسدة النهي في جنبها بحيث لا حكم لمورد الاجتماع واقعا سوى الوجوب أو هي المفسدة فانعكس؟