حجة في اصطلاحهم، وإنما هو وسط مخصوص، وهو ما كان طريقا لإثبات أحكام متعلقه كما اعترف به قدس سره.
وقد عرفت أن توسيط تلك الأمارات - على تقديره - إنما هو بالنظر إلى إثبات متعلقاتها لها في مرحلة الظاهر، لا الواقع، لقيام احتمال مخالفتها له.
وقد عرفت أن ذلك من جهة دعوى كونها مأخوذة في موضوع تلك الأحكام وهو - قدس سره - قد اعترف بأن ما كان مأخوذا في موضوع حكم لا يطلق عليه الحجة في اصطلاحهم وإن كان يصح توسيطه، ويطلق عليه الحجة في اصطلاح أهل الميزان، ولذا أخرج القطع المأخوذ في موضوع الحكم عن كونه حجة في اصطلاحهم، فلازم ما اعترف به عدم صحة إطلاق الحجة على الأمارات حقيقة في اصطلاحهم، لمساواتها للقطع المأخوذ في موضوع الحكم.
وإن أريد أن إطلاق الحجة على الأمارات حقيقة في اصطلاح أهل الميزان وإن لم يكن حقيقة في اصطلاح الأصوليين فيتجه عليه: أنه - قدس سره - يعترف بكونها حجة في اصطلاحهم.
والحاصل: أن وجه صحة إطلاق الحجة على الأمارات كونها أوساطا لإثبات أحكام متعلقاتها في الظاهر، ووجه توسيطها في إثباتها إنما هو كونها مأخوذة في موضوع أحكام متعلقاتها، كما يظهر من قياسه لها على التغير بالنسبة إلى الحدوث، فيكون المصحح لإطلاق الحجة عليها بالأخرة هو كونها مأخوذة في موضوع تلك الأحكام في الظاهر، فيكون دعوى إطلاق الحجة عليها حقيقة في اصطلاح الأصوليين مناقضة لما بنى عليه تلك الدعوى من كونها مأخوذة في موضوع تلك الأحكام، لعدم صحة إطلاق الحجة على ما يكون كذلك حقيقة في اصطلاحهم بمقتضى اعترافه.
ودعوى إطلاقها عليه كذلك في اصطلاح أهل الميزان وإن لم يكن مناقضة له، بل متوقفة عليه، إلا أن الاعتراف بكونها مأخوذة في موضوع تلك الأحكام